للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحمدَ (١)، والطَّبرانيِّ (٢)، أنّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((نَضَّرَ (٣) اللهُ امرءاً سَمعَ مِنَّا حديثاً فبلَّغهُ كما سمعهُ، فرُبَّ مُبلَّغٍ أوْعَى من سامعٍ)) (٤).

وفي روايةٍ: ((فرُبَّ حاملِ فقهٍ ولا فقهَ لهُ، ورُبَّ حامل فقهٍ إلى مَنْ هوَ أفقهُ منهُ)) فقالَ: ((كَما سَمعَهُ)) أي: بلفظهِ، وقالَ: ((فرُبَّ مبلَّغٍ أوعى لهُ) أي: رُبَّما لم يفهمهُ من سمعَهُ حقَّ الفهمِ، فغيّرَهُ فَنقَصَ بعضَ أحكامهِ، ولو بلَّغَهُ بلفظهِ، لربما ظهرَ للسامعِ منهُ ذلكَ الحكمُ الذي سَقَطَ بالتغييرِ.

وأمَّا لَمحُ التجويزِ منهُ فمن حيثُ لم يؤتَ فيهِ بصيغةِ الأمرِ، بل سِيقَ ذلكَ مَساقَ الترغيبِ بصيغةِ الدُّعاءِ، واللهُ أعلمُ.

قولهُ: (ومنعَ بعضُ أهل الحديثِ) (٥) نقلَ أنَّ مِنهُم / ٢١٢ ب / ابن سيرين (٦) ولم يَذكرِ الأصوليينَ (٧)؛ إمَّا لقلةِ القائلِ منهم بذلكَ؛ أو لدخولهِم في الفقهاءِ؛ لأنَّ الأقدمينَ من الفقهاءِ كانوا جامعينَ للعِلمَيْنِ؛ أو لأنَّ ذلك قد فُهمَ من تعبيرهِ أولاً بالأكثرِ، واللهُ أعلمُ.


(١) في " مسنده " ٣/ ٢٢٥.
(٢) في " معجمه الأوسط " (٩٤٤٤).
(٣) نَضَره ونَضَّره وأنْضَره، أي نَعمه، ويروى بالتخفيف والتشديد من النَّضارة، وهي في الأصل: حسن الوجه، والبريق، وإنما أراد حَسَّن خُلُقَه وقَدْرَه. النهاية ٥/ ٧١.
(٤) قال ابن دقيق العيد: ((ولا خفاء بما في تبليغ العلم من الأجور لاسيما، وبرواية الحديث يدخل الراوي في دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال: ((نضر الله امرءاً سمعَ مقالتي فوعَاها، ثم أدّاها إلى مَنْ لم يسمعها)))). الاقتراح: ٢٦٤.
(٥) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٥٠٧.
(٦) انظر: الكفاية: ٢٠٦، والبحر المحيط للزركشي ٣/ ٤١٤.
(٧) لم يذكر العراقي الأصوليين في شرحه وذكرهم ابن الصلاح والنووي والزركشي
والسخاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>