للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثيراً ما نَرى ما يتوهمُه كثيرٌ من أهلِ العلمِ [خطأ] (١) - وربما غيرَّوهُ- صواباً ذا وجهٍ صحيح، وإنْ خَفِيَ استُغْرِبَ، لا سِيَّما فيما يعدونَهُ خطأً من جهةِ العربيةِ، وذلكَ لكثرةِ لُغاتِ العربِ وتشعُّبِها.

وروينا عَن عبدِ اللهِ بنِ أحمدَ بنِ حنبلٍ قالَ: ((كانَ إذا مرَّ بأبي لحنٌ فاحشٌ غيرَّه، وإذا كانَ لحناً سهلاً تَركَهُ، وقالَ: كذا قالَ الشَّيخُ)) (٢).

وأخبرني بعضُ أشياخنا عمّن أخبرهُ عن الحافظِ عياضٍ (٣) بما معناهُ واختصاره: ((أنَّ الذي استمرَّ عليهِ عملُ (٤) أكثر الأشياخ أنْ ينقلُوا الروايةَ كما وصلتْ إليهم ولا يُغيِّرُوها في كتبهم، حتى في أحرفٍ من القرآنِ، استمرتِ الروايةُ فيها في الكُتبِ على خلافِ التلاوةِ المجمعِ عليها، ومن غيرِ أنْ يجيء ذلكَ في الشواذِّ، ومنْ ذلكَ ما وقعَ في " الصحيحينِ " و" الموطأ " وغيرها، لكنَّ أهلَ المعرفةِ منهم ينبهونَ على خطئِها عندَ السَّماعِ والقراءةِ وفي حواشي الكُتبِ، مع تقريرهم ما في الأصولِ على ما بلغَهُم.

ومنهُم من جَسرَ على تغييرِ الكُتبِ وإصلاحِها. منهم: الوليدُ بنُ هشامِ بنِ أحمدَ الكنانيُّ الوَقَّشِيُّ (٥)، فإنَّهُ لكثرةِ مطالعتهِ وافتنانهِ وثقوبِ فهمهِ وحِدّةِ ذهنهِ جَسرَ على الإصلاح كثيراً، وغلطَ في أشياءَ من ذلكَ. وكذلكَ غيرُهُ ممن سلكَ مسلكَهُ.


(١) ما بين المعكوفتين لم يرد في (ف)، وأثبته من " معرفة أنواع علم الحديث ".
(٢) أخرجه: الخطيب في " الكفاية ": ١٨٧.
(٣) انظر: الإلماع: ١٨٥ - ١٨٧.
(٤) في (ف): ((على))، والمثبت من " الإلماع " و" معرفة أنواع علم الحديث ".
(٥) نسبه إلى وقّش - بالفتح وتشديد القاف - وهي مدينة بالأندلس. انظر: سير أعلام النبلاء ١٩/ ١٣٥، ومراصد الاطلاع ٣/ ١٤٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>