للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسنادِ الثاني وَيسوقَ لفظَ الحديثِ المذكورِ عقيبَ الإسنادِ الأوَّلِ فالأظهرُ المنعُ (١) مِنْ ذَلِكَ، وَروِّينَا عَن أبي بكرٍ الخطيبِ الحافظِ، قالَ: كانَ شعبةُ لا يُجيزُ ذَلكَ. وَقالَ بعضُ أهلِ العلمِ: يجوزُ ذَلكَ إذا عُرِفَ أنَّ المحدِّثَ ضابطٌ مُتحفظٌ يَذهبُ إلى تمييزِ الألفاظِ وعدِّ الحروفِ، فإنْ لمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ مِنهُ، لم يَجُزْ ذَلكَ، وكانَ غيرُ واحدٍ من أهلِ العلمِ ... )) (٢) الخ (٣). هذا لفظُهُ بحروفهِ.

ويؤيدُ ما فهمتهُ من الفرقِ بينَ ((مثلهِ))، و ((نحوهِ)) تعليقُهُ الأمرَ بتمييزِ الألفاظِ وعدِّ الحروفِ، فهوَ ظاهرٌ جداً في الروايةِ باللفظِ، ويؤيدهُ أيضاً ما رأيتُ بخطِّ صَاحبِنا العلامة شمسِ الدِّينِ بنِ حسانَ (٤) أنَّ قولَ الخطيبِ هذا جعلهُ النوويُّ (٥)، وكذا الحافظُ عمادُ الدِّينِ بنُ كثير قولَ سفيانَ الثوريِّ. أي: لأنّهُ قالَ: إنَّ قولَ الراوي ((مثلَهُ)) يجزئُ / ٢٢٣ ب /، أي: لأنّهُ لا يقولُ ذلكَ إلاّ منْ علمَ أنَّ لَفظَي الحديثِ سواءٌ، لا ينقصُ أحدُهُما عن الآخرِ حرفاً فما فوقه؛ لأنَّ المماثلةَ ظاهرةٌ في ذلكَ، ويؤيدهُ ما نقلهُ مسعودٌ، عن الحاكمِ.


(١) قال ابن دقيق: ((والأظهر أنه لا يجوز)). الاقتراح: ٢٤٠.
وقال النووي: ((فالأظهر منعه)). الإرشاد ١/ ٤٩٠، وشرح صحيح مسلم ١/ ٣٨.
وعلق البلقيني والزركشي بكلام طويل على جملة: ((فالأظهر المنع)). انظر: محاسن الاصطلاح: ١٩٩، ونكت الزركشي ٣/ ٦٣١ - ٦٣٢.
(٢) معرفة أنواع علم الحديث: ٣٣٩.
(٣) الكفاية: ٢١٢. وتتمة كلامه: ((إذا روى مثل هذا يورد الإسناد، ويقول: مثل حديث قبله متنه كذا وكذا، ثم يسوقه)).
(٤) هو محمد بن محمد بن علي بن محمد بن حسان الشمس بن الشمس، الموصلي الأصل، المقدسي، الشافعي، ويعرف بابن حسان، ولد سنة (٨٠٠ هـ‍)، وتوفي سنة (٨٥٥ هـ‍). انظر: الضوء اللامع ٩/ ١٥٢ - ١٥٤.
(٥) انظر: شرح صحيح مسلم ١/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>