للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قولُهُ: ((إذا قالَ: نحوَهُ)) (١) فهيَ مسألةٌ أُخرَى، لم يتعرضْ لها النَّوويُّ (٢). لكنْ يبعدُ إطلاقُ المثلِ على المتحدِ باللفظِ؛ إذ المماثلة ظاهرةٌ جداً في المشابهةِ، والمتحدُ باللفظِ هوَ ذلكَ الحديثُ نفسُهُ لا أنَّهُ مُشبههُ، واللهُ أعلمُ.

ومن مؤيداتِ ما فهمتهُ أيضاً، ما قالهُ النَّوويُّ في ((بابِ صفةِ الوضوءِ)) وكمالهِ من " شرحِ مُسلِم " في قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((منْ تَوضَّأَ بِنَحوِ وضُوئي هَذا)) (٣). وإنّما قالَ - صلى الله عليه وسلم -: ((نحوَ) ولم يقلْ: ((مثلَ))؛ لأنَّ حقيقةَ مماثلتهِ - صلى الله عليه وسلم - لا يقدرُ عليها غيرُهُ)) (٤). انتهى.

وَمَن وَقَعَ في روايتهِ ((مثلَ وضوئي))، فالظاهرُ أنّه رَوَى بالمعنى، فلم يوفِ بالمرادِ؛ لأنَّ ((نحوَ)) أوسعُ، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يحبُّ التوسعةَ لأمتهِ.

قولُهُ: (وهو قولُ يحيى) (٥) وكذا قولُ سفيانَ، كما عَلمتَهُ فكانَ يتعينُ أنْ يُؤخِّرَ ما سَاقَهُ عنه في القولِ الثاني إلى الثالثِ، وعن الحافظِ عمادِ الدِّينِ إسماعيلَ بنِ كثيرٍ أنّهُ اختارَ قولَ يحيى هذا.

قولُهُ: (وَعَليهِ يَدلُّ كَلامُ الحاكمِ) (٦) عِبارةُ ابنِ الصَّلاحِ: ((هذا - أي: قولُ


(١) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٠.
(٢) تعرَّض النووي لهذا، فقال في " الإرشاد " ١/ ٤٩١: ((وأما إذا قال: نحوه فقد أجازه سفيان، ومنعه شعبة)). وانظر: شرح صحيح مسلم ١/ ٣٨.
(٣) أخرجه: أحمد ١/ ٥٩ و٦٠، والدارمي (٦٩٩)، والبخاري ١/ ٥١ (١٥٩) و١/ ٥٢ (١٦٤) و٣/ ٤٠ (١٩٣٤)، ومسلم ١/ ١٤١ (٢٢٦) (٣) و (٤) من حديث عثمان ابن عفان - رضي الله عنه -.
(٤) شرح صحيح مسلم ٢/ ٩٤.
(٥) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١١.
(٦) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>