للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْجَوَاب أَن هَذَا يبطل بقوله {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين} فَإِنَّهُ لَا يُمكن الْعَمَل بهَا حَتَّى يَنْضَم إِلَيْهَا شَرَائِط لَا ينبىء اللَّفْظ عَنْهَا كالعقل وَالْبُلُوغ وَغير ذَلِك ثمَّ لَا يَجْعَل الْحَاجة إِلَى ذَلِك كالحاجة إِلَى بَيَان المُرَاد فِي الْإِجْمَال

فَإِن قيل تِلْكَ الْآيَة إِنَّمَا تفْتَقر إِلَى بَيَان من لَا يُرَاد بهَا من الصّبيان والمجانين فَحملت فِي الْبَاقِي على ظَاهرهَا وَهَاهُنَا تفْتَقر إِلَى بَيَان مَا أُرِيد بِالْآيَةِ من شَرَائِط الْقطع وَلِهَذَا اشْتغل الْفُقَهَاء بِذكر شَرَائِط الْقطع دون مَا يسْقط الْقطع فَافْتَرقَا

قيل لَا فرق بَين الْمَوْضِعَيْنِ فَإِن آيَة السّرقَة أَيْضا تفْتَقر إِلَى بَيَان مَا لَا يُرَاد وَهُوَ من سرق دون النّصاب أَو سرق من غير حرز أَو كَانَ والدا أَو ولدا

وَأما مَا ذكر الْفُقَهَاء فِيهِ شَرَائِط الْقطع فَلَا اعْتِبَار بِهِ فَإِنَّهُم يسلكون فِي ذَلِك طَرِيق الِاخْتِصَار فَيذكرُونَ الشَّرَائِط الَّتِي يتَعَلَّق بهَا الْقطع لتعرف بذلك من لَا يجب عَلَيْهِ الْقطع وَإِنَّمَا الِاعْتِبَار بِمَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظ وَمَا أخرج مِنْهُ وَمَعْلُوم أَن الظَّاهِر يَقْتَضِي وجوب الْقطع على كل من سرق وَدلّ الدَّلِيل إِنَّمَا دلّ على إِخْرَاج من لَيْسَ بِمُرَاد من صبي أَو مَجْنُون ووالد وَولد وَغير ذَلِك فَصَارَ ذَلِك بِمَنْزِلَة مَا ذَكرْنَاهُ من آيَة الْقَتْل الَّتِي تَقْتَضِي بظاهرها إِيجَاب الْقَتْل على كل مُشْرك ثمَّ دلّ على الدَّلِيل على من لَيْسَ بِمُرَاد مِنْهَا

وَأما قَوْله تَعَالَى {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} فَفِيهِ وَجْهَان من أَصْحَابنَا من قَالَ هِيَ عَامَّة فَتحمل على كل دُعَاء إِلَّا مَا أخرجه الدَّلِيل وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّهَا مجملة وتفتقر إِلَى بَيَان فعلى هَذَا الْفرق بَينهمَا أَن المُرَاد بِالصَّلَاةِ لَا يصلح لَهُ اللَّفْظ وَلَا يدل عَلَيْهِ وَمَا يُرَاد بالسارق يصلح لَهُ اللَّفْظ فِي اللُّغَة وَيعْقل مِنْهُ

أَلا ترى أَنه إِذا أخرج من آيَة السّرقَة من لَا يُرَاد قطعه أمكن قطع من أُرِيد

<<  <   >  >>