للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

وعندكم أَن من فعل شَيْئا قبل وُرُود الشَّرْع لم يسْتَحق عَلَيْهِ ثَوابًا وَلَا عقَابا فَهَذَا اسْم لَهُ حكم الْإِبَاحَة

وَالْجَوَاب أَن الْمُبَاح مَا أخبر صَاحب الشَّرْع بِأَنَّهُ لَا ثَوَاب فِيهِ وَلَا عِقَاب عَلَيْهِ وَهُوَ وَإِن قُلْنَا إِنَّه لَا ثَوَاب عَلَيْهِ فَإنَّا لَا نقُول إِنَّه مُبَاح لِأَن الشَّرْع لم يرد فِيهِ بالثواب وَالْعِقَاب وَهَذَا كَمَا نقُول فِي أَفعَال الْبَهِيمَة إِنَّه لَا ثَوَاب فها وَلَا عِقَاب ثمَّ لَا نقُول إِن ذَلِك مُبَاح وَلَا مَحْظُور حَيْثُ لم يرد الشَّرْع فِيهَا بالثواب وَالْعِقَاب فَكَذَلِك هَاهُنَا

قَالُوا وَلِأَن القَوْل بِالْوَقْفِ يُؤَدِّي إِلَى ترك الْوَقْف وَذَلِكَ أَن القَوْل بِهِ لَا يَخْلُو من أَن يكون حَقًا يجب اعْتِقَاده وَالْقَوْل بِهِ أَو بَاطِلا فَلَا يجوز اعْتِقَاده

فَإِن كَانَ حَقًا يجب اعْتِقَاده بَطل القَوْل بِالْوَقْفِ لِأَنَّهُ وَجب الِاعْتِقَاد

وَإِن كَانَ بَاطِلا لم يجز القَوْل بِهِ

قُلْنَا الْوَقْف هُوَ الْحق وَمَعْنَاهُ أَنه لَا عِقَاب على أحد فِيهَا بِفِعْلِهِ وَلَا ثَوَاب فِي شَيْء بِفِعْلِهِ وَلَا وجوب فِي شَيْء من الْأَشْيَاء حَتَّى يرد الشَّرْع بِهِ فِي الْوَقْف الَّذِي قُلْنَاهُ وَلَيْسَ إِذا كَانَ ذَلِك هُوَ الْحق وَجب فِيهِ الِاعْتِقَاد إِذا لم يكن على صفة الْوُجُوب فَيجب أَن يُقيم الدَّلِيل على ذَلِك وَأَنه إِذا كَانَ حَقًا وَجب اعْتِقَاده وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُوجب الِاعْتِقَاد

وعَلى أَنه يجوز أَن يكون الشَّيْء على صفة من الصِّفَات ثمَّ لَا يجب على الْإِنْسَان فِيهِ معرفَة وَلَا اعْتِقَاد

أَلا ترى أَن كثيرا من الْمَخْلُوقَات لَهَا صِفَات هِيَ عَلَيْهَا فِي الْحَقِيقَة ثمَّ لَا يجب الْبَحْث عَنْهَا والكشف عَن حَقِيقَتهَا وصفتها ثمَّ لَا يُقَال إِنَّه لما لم تجب مَعْرفَتهَا على حَقِيقَتهَا وصفاتها لم تكن تِلْكَ الصِّفَات ثَابِتَة لَهَا فِي الْحَقِيقَة فَكَذَلِك هَاهُنَا وَالله أعلم

<<  <