للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالثَّالِث هُوَ أَن تَعْلِيق الحكم بِالِاسْمِ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيص اسْم عَام فَلم يقتض الْمُخَالفَة وتعليقه بِالصّفةِ يَقْتَضِي تَخْصِيص اسْم عَام والتخصيص لَا يكون إِلَّا بِمَا يَقْتَضِي الْمُخَالفَة كالاستثناء والغاية

وَلِأَن الِاسْم لَا يجوز أَن يكون عِلّة فِي الحكم فتعليق الحكم عَلَيْهِ لَا يَقْتَضِي الْمُخَالفَة وَالصّفة يجوز أَن تكون عِلّة فِي الحكم فتعليق الحكم عَلَيْهِ يَقْتَضِي الْمُخَالفَة

قَالُوا لَو كَانَ إِيجَاب الزَّكَاة فِي السَّائِمَة يُوجب نفي الزَّكَاة عَن المعلوفة لَكَانَ التَّسْوِيَة بَينهمَا فِي إِيجَاب الزَّكَاة مناقضة وَلما جَازَ أَن يَقُول فِي سَائِمَة الْغنم زَكَاة وَفِي معلوفتها الزَّكَاة دلّ على أَن الْإِيجَاب فِي أحد النَّوْعَيْنِ لَا يَقْتَضِي النَّفْي عَن النَّوْع الآخر

قُلْنَا يبطل بالغاية فَإِنَّهَا تَقْتَضِي الْمُخَالفَة على قَول كثير مِنْهُم وَإِن جَازَ أَن يُصَرح فِيمَا بعْدهَا بِحكم مَا قبلهَا وعَلى أَن اللَّفْظ يجوز أَن يدل بِظَاهِرِهِ على معنى ثمَّ يتْرك ظَاهره بِمَا هُوَ أقوى مِنْهُ كالأمر يدل ظَاهره على الْإِيجَاب ثمَّ يدل الدَّلِيل على أَن المُرَاد بِهِ الِاسْتِحْبَاب فَيتْرك ظَاهره وَلَا يدل على أَن فِي الأَصْل لَا يَقْتَضِي الْوُجُوب فَكَذَلِك هَاهُنَا اللَّفْظ بِظَاهِرِهِ يدل على النَّفْي وَالْإِثْبَات ثمَّ إِذا صرح فِي الْوَجْهَيْنِ بالتسوية ترك الظَّاهِر وَحمل على مَا اقْتَضَاهُ التَّصْرِيح

قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كلمة تدل على شَيْئَيْنِ متضادين وعندكم أَن هَذَا اللَّفْظ يدل على إِثْبَات الحكم ونفيه وَهَذَا خلاف اللُّغَة

قُلْنَا هَذَا يبطل بِلَفْظ الْغَايَة وَأَنه قد دلّ على إِثْبَات الحكم فِيمَا قبل الْغَايَة ونفيه عَمَّا بعْدهَا وهما متضادان فَكَذَلِك الْأَمر بالشَّيْء يدل على وجوب الْمَأْمُور والانتهاء عَن ضِدّه وهما متضادان

قَالُوا وَلِأَن دَلِيل الْخطاب مَفْهُوم الْخطاب وَمَفْهُوم الْخطاب مَا وَافقه كالتنبيه وَالْقِيَاس وَدَلِيل الْخطاب ضد الْخطاب فَلَا يجوز أَن يكون مفهوما مِنْهُ

<<  <   >  >>