للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْجَوَاب أَن الْقَرِينَة مَا يبين معنى اللَّفْظ ويفسره وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون بِمَا يُوَافق اللَّفْظ ويماثله فَأَما مَا يُخَالِفهُ ويضاده فَلَا يجوز أَن يكون بَيَانا لَهُ فَلَا يجوز أَن يَجْعَل قرينَة

وَأَيْضًا أَنه لَا خلاف أَن النَّهْي بعد الْأَمر يَقْتَضِي الْحَظْر فَكَذَلِك الْأَمر بعد النَّهْي وَجب أَن يَقْتَضِي الْوُجُوب

وَلِأَن كل وَاحِد من اللَّفْظَيْنِ مُسْتَقل بِنَفسِهِ فَلَا يتَغَيَّر مَعَه مُقْتَضى الثَّانِي بتقدم الأول كَمَا لَو قَالَ حرمت عَلَيْك كَذَا ثمَّ قَالَ أوجبت عَلَيْك كَذَا وَلَا يلْزم قَوْلهم فلَان بَحر حَيْثُ حملنَا الْبَحْر على وصف الرجل دون المَاء الْكثير لِأَن الْبَحْر غير مُسْتَقل بِنَفسِهِ فَاعْتبر حكمه بِنَفسِهِ أَلا ترى أَنه لَو لم يصله بِمَا قبله لم يفد فَجعل وَصفا لما قبله وَهَهُنَا الْكَلَام مُسْتَقل بِنَفسِهِ فَاعْتبر حكمه بِنَفسِهِ

وَاحْتَجُّوا بِأَن الظَّاهِر من هَذَا الْأَمر أَنه قصد بِهِ رفع الْجنَاح فِيمَا حظر عَلَيْهِ

يدل عَلَيْهِ أَن السَّيِّد إِذا منع عَبده من فعل شَيْء ثمَّ قَالَ لَهُ افعله كَانَ الْمَعْقُول من هَذَا الْخطاب إِسْقَاط التَّحْرِيم دون غَيره فَكَذَلِك هَهُنَا

الْجَواب أَنا لَا نسلم مَا ذَكرُوهُ بل الظَّاهِر أَنه قصد الْإِيجَاب لِأَن اللَّفْظ مَوْضُوع للْإِيجَاب والمقاصد تعلم بالألفاظ

وَلِأَن هَذَا نسخ للحظر والحظر قد ينْسَخ بِإِبَاحَة وَقد ينْسَخ بِالْإِيجَابِ وَلَيْسَ حمله على الْإِبَاحَة بِأولى من حمله على الْإِيجَاب فتعارض الاحتمالان فِي ذَلِك وَبَقِي اللَّفْظ على مُقْتَضَاهُ فِي الْإِيجَاب

وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ أَن يُقَال هَذَا فِي الْأَمر بعد الْحَظْر إِن الْقَصْد بِهِ رفع الْجنَاح فَلم يقتض الْجَواب لجَاز أَن يُقَال فِي النَّهْي بعد الْأَمر إِن الْقَصْد مِنْهُ إِسْقَاط الْوُجُوب وَإِبَاحَة التّرْك فَلَا يَقْتَضِي الْحَظْر

وَاحْتَجُّوا بِأَن كل أَمر ورد فِي الشَّرْع بعد الْحَظْر فَالْمُرَاد بِهِ الْإِبَاحَة كَقَوْلِه

<<  <   >  >>