قبل أَن يدْخل وَقتهَا وَلم يقبح جَازَ أَن يَأْمر بِفِعْلِهَا ثمَّ يسْقط ذَلِك عَنهُ قبل فعلهَا
وَاحْتَجُّوا بِأَن الْأَمر من الله سُبْحَانَهُ يدل على أَن الْمَأْمُور بِهِ صَلَاح للْمَأْمُور وَمَا كَانَ صلاحا لَهُم لَا يجوز للحكيم أَن ينهاهم عَنهُ ويمنعهم مِنْهُ
وَالْجَوَاب هُوَ أَن الْأَمر يدل على الصّلاح مَا دَامَ الْأَمر قَائِما فَإِذا نهى عَنهُ علمنَا أَنه كَانَ الصّلاح إِلَى غَايَة
وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ هَذَا دَلِيلا على الْمَنْع من النّسخ قبل الْفِعْل لوَجَبَ أَن يَجْعَل دَلِيلا على إبِْطَال النّسخ أصلا فَيُقَال إِن الْأَمر من الْحَكِيم يدل على كَونه صلاحا للعبيد وَمَا كَانَ صلاحا للعبيد لم يجز للحكيم أَن ينهاهم عَنهُ وَإِذا بَطل هَذَا فِي إبِْطَال النّسخ بَطل فِيمَا ذَكرُوهُ
وَرُبمَا قَالُوا إِن الْأَمر بالشَّيْء يَقْتَضِي حسن الْمَأْمُور بِهِ وَالنَّهْي عَنهُ يَقْتَضِي قبحه وَلَا يجوز أَن يكون الشَّيْء الْوَاحِد حسنا قبيحا
وَالْجَوَاب نَحْو مَا تقدم
قَالُوا لِأَن هَذَا يُؤَدِّي إِلَى البداء على الله تَعَالَى وَذَلِكَ لَا يجوز
فَالْجَوَاب هُوَ أَن البداء أَن يظْهر مَا كَانَ خافيا عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى لما أَمر كَانَ عَالما بِالْوَقْتِ الَّذِي ينسخه عَنْهُم فَلَا يُؤَدِّي إِلَى مَا ذَكرُوهُ
قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ أَن ينْسَخ الشَّيْء قبل وَقت الْفِعْل لجَاز أَن يرد الْأَمر مَعَ النَّهْي موضعا وَاحِد فَيَقُول افعلوا كَذَا وَكَذَا وَلَا تفعلوه وَلما لم يجز هَذَا لم يجز مَا نَحن فِيهِ
قُلْنَا إِذا ورد الْأَمر مَقْرُونا بِالنَّهْي لم يفد شَيْئا وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا فَإِنَّهُ إِذا ترَاخى النَّهْي كَانَ الْأَمر مُفِيدا لِأَنَّهُ يتَضَمَّن وجوب الِاعْتِقَاد والعزم على الْفِعْل فَافْتَرقَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute