وَلِأَن الْإِبَاحَة تَارَة تكون من الله تَعَالَى وَتارَة تكون من جِهَة الْآدَمِيّ ثمَّ الْإِبَاحَة من جِهَة الْآدَمِيّ يثبت حكمهَا قبل الْعلم وَهُوَ إِذا قَالَ أبحت ثَمَرَة بستاني لكل أحد فَكَذَلِك الْإِبَاحَة من جِهَة الله تَعَالَى
وَاحْتَجُّوا بِأَن أهل منى بَلغهُمْ الْقبْلَة وَقد صلوا رَكْعَة فاستداروا فِي صلَاتهم وَلم يؤمروا بِالْإِعَادَةِ وَلَو كَانَ قد ثَبت حكمه فِي حَقهم قبل أَن يتَّصل بهم لبطلت صلَاتهم ولأمروا بِالْإِعَادَةِ
قَالُوا وَلِأَن من لَا علم لَهُ بِالْخِطَابِ لَا يثبت الْخطاب فِي حَقه كالنائم وَالْمَجْنُون
وَالْجَوَاب هُوَ أَن النَّائِم وَالْمَجْنُون حجَّة لنا فَإِن الْخطاب قد ثَبت فِي حَقّهمَا وَإِن لم يعلمَا بِالْخِطَابِ أَلا ترى أَن كثيرا من الْعِبَادَات يثبت وُجُوبهَا فِي حَقّهمَا وَيجب عَلَيْهِمَا فعلهَا بعد الانتباه والإفاقة وَلَو لم يثبت الْخطاب فِي حَقّهمَا لما وَجَبت تِلْكَ الْعِبَادَات عَلَيْهِمَا بعد الانتباه والإفاقة
قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ ثُبُوت الْخطاب قبل الْعلم بِهِ لثبت ذَلِك قبل نزُول الْوَحْي بِهِ وَلما لم يثبت ذَلِك قبل نزُول الْوَحْي لم يثبت قبل الْعلم