قُلْنَا لَيْسَ إِذا لم يَقع الْعلم فِي ابْتِدَاء السماع لم يكن الْعلم الْحَاصِل لَهُ عِنْد الِانْتِهَاء ضَرُورَة أَلا ترى أَن الْإِنْسَان يرى الشَّيْء من بعيد فَلَا يَقع لَهُ الْعلم بِهِ على التَّفْصِيل ثمَّ يقرب مِنْهُ فَيعلم حَقِيقَته على التَّفْصِيل ثمَّ لَا يُقَال إِن ذَلِك الْعلم اسْتِدْلَال
قَالُوا وَلِأَن الْعلم لَا يَقع بأخبارهم إِلَّا على صِفَات تصحبهم يسْتَدلّ بهَا على صدقهم فَصَارَ كَالْعلمِ بِحَدَث الْعَالم لما وَقع عَن الصِّفَات الَّتِي تصْحَب الْعَالم من الِاجْتِمَاع والافتراق كَانَ اكتسابا فَكَذَلِك هَاهُنَا
وَالْجَوَاب هُوَ أَن الْأَخْبَار وَإِن اعْتبر فِيهَا صِفَات إِلَّا أَن الْعلم بصدقهم لَا يفْتَقر إِلَى اعْتِبَار الصِّفَات أَلا ترى أَنه يجوز أَن يَقع الْعلم لمن لَا ينظر فِي الصِّفَات وَيُخَالف هَذَا الْعلم الْوَاقِع عَن الْعَالم فَإِن بذلك لَا يَقع إِلَّا بعد النّظر فِي الْمعَانِي الَّتِي تصْحَب الْعَالم وَالِاسْتِدْلَال بهَا فَلذَلِك كَانَ اكتسابا وَفِي الْأَخْبَار يَقع الْعلم من غير نظر وَاعْتِبَار فَافْتَرقَا