للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِن أَرَادوا بالأصول الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وافقناهم عَلَيْهِ إِلَّا أَنهم يذكرُونَ ذَلِك فِي مَوَاضِع لَا كتاب فِيهَا وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاع وَهُوَ فِي خبر الْمُصراة والتفليس والقرعة فَبَطل مَا قَالُوهُ ١ وَاحْتج أَصْحَاب مَالك بِأَن الْقيَاس يتَعَلَّق باستدلاله وَالْخَبَر رُجُوع إِلَى قَول الْغَيْر وَهَذَا بِفِعْلِهِ أوثق مِنْهُ بِفعل غَيره فَكَانَ الرُّجُوع إِلَيْهِ أولى وَلِهَذَا قدمنَا اجْتِهَاده على اجْتِهَاد غَيره من الْعلمَاء

قُلْنَا لَا فرق بَينهمَا لِأَنَّهُ يرجع فِي عَدَالَة الرَّاوِي وَمَعْرِفَة صدقه إِلَى أَفعاله الَّتِي قد شَاهدهَا مِنْهُ كَمَا يرجع إِلَى الْمَعْنى الَّذِي أودعهُ صَاحب الشَّرِيعَة فِي الأَصْل فَيحكم بِهِ فِي الْفَرْع بل طَرِيق معرفَة الْعَدَالَة أظهر لِأَنَّهُ رُجُوع إِلَى العيان والمشاهدة وَطَرِيق معرفَة الْعلَّة الْفِكر وَالنَّظَر فَكَانَ الرُّجُوع إِلَى الْخَبَر أولى

قَالُوا وَلِأَن الْأُصُول وَإِن اتّفقت على إِيجَاب حكم لم تحْتَمل إِلَّا وَجها وَاحِدًا وَخبر الْوَاحِد يحْتَمل السَّهْو على رُوَاته فَلَا يجوز ترك مَالا يحْتَمل بِمَا هُوَ مُحْتَمل كنص الْقُرْآن بِالسنةِ إِذا تَعَارضا

قُلْنَا إِنَّمَا يجوز تَرْجِيح أحد الْأَمريْنِ على الآخر بِنَفْي الِاحْتِمَال إِذا ثَبت أَنَّهُمَا دليلان وَفِي مَسْأَلَتنَا الْقيَاس لَيْسَ بِدَلِيل إِذا عَارضه النَّص فَلَا يجوز أَن يرجع على النَّص بِنَفْي الِاحْتِمَال

على أَن هَذَا يبطل بِنَصّ السّنة إِذا عَارضه مُقْتَضى الْعقل فِي بَرَاءَة الذِّمَّة فَإِن بَرَاءَة الذِّمَّة فِي الْعقل لَا تحْتَمل إِلَّا وَجها وَاحِدًا وَنَصّ السّنة يحْتَمل السَّهْو على رُوَاته ثمَّ يقدم على مُقْتَضى الْعقل الَّذِي لَا احْتِمَال فِيهِ

قَالُوا إِذا اتّفقت الْأُصُول على شَيْء وَاحِد دلّت على صِحَة الْعلَّة قطعا ويقينا فَلَو قبلنَا خبر الْوَاحِد فِي مُخَالفَته لنقضنا الْعلَّة وَصَاحب الشَّرْع لَا يتناقض فِي علله فَيجب أَن يحمل الْخَبَر على أَن الرَّاوِي سَهَا فِيهِ وَلِهَذَا رددنا مَا خَالف أَدِلَّة الْعُقُول من الْأَخْبَار المروية فِي السّنة لما أوجب نقض أَدِلَّة قَاطِعَة

<<  <   >  >>