للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِن قيل إِنَّمَا علق الْوَعيد على مُخَالفَة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَترك سَبِيل الْمُؤمنِينَ وَنحن نقُول إِن الْوَعيد يتَعَلَّق بذلك

قيل لَو لم يحرم كل وَاحِد مِنْهُمَا على الِانْفِرَاد لما علق الْوَعيد عَلَيْهِمَا على الِاجْتِمَاع فَلَمَّا علق الْوَعيد عَلَيْهِمَا دلّ على تَحْرِيم كل وَاحِد مِنْهُمَا على الِانْفِرَاد

أَلا ترى أَنه لما قَالَ {وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاما} رَجَعَ هَذَا الْوَعيد إِلَى الْأَمريْنِ جَمِيعًا الْقَتْل وَالزِّنَا وكل وَاحِد مِنْهُمَا مُنْفَرد عَن الآخر فَكَذَلِك هَاهُنَا

وَلِأَنَّهُ لَا خلاف أَن الْوَعيد يتَعَلَّق بمشاقة الرَّسُول على الِانْفِرَاد وَإِن لم يكن هُنَاكَ مُؤمن فَدلَّ على أَن الْوَعيد مُعَلّق بترك سَبِيل الْمُؤمنِينَ على الِانْفِرَاد

فَإِن قيل المُرَاد بِهِ ترك اتِّبَاع الْمُؤمنِينَ فِي مشاقة الرَّسُول فَيكون الْوَعيد على مشاقة الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام فَقَط

قيل هَذَا تَخْصِيص من غير دَلِيل فَإِنَّهُ لم يقل وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ فِي أَمر دون أَمر فَوَجَبَ أَن يحمل على الْعُمُوم

وَلِأَن هَذَا يُؤَدِّي إِلَى حمل اللَّفْظ على التّكْرَار وَذَلِكَ أَن اسْتِحْقَاق الْوَعيد بمشاقة الرَّسُول قد عرف من قَوْله {وَمن يُشَاقق الرَّسُول} فَيجب أَن يكون الْوَعيد فِي ترك اتِّبَاع الْمُؤمنِينَ يتَعَلَّق بِمَعْنى آخر

فَإِن قيل الْوَعيد إِنَّمَا لحقه بترك سَبِيل الْمُؤمنِينَ بَعْدَمَا علمُوا الدَّلِيل

أَلا ترى أَنه قَالَ {من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى} وَبعد قيام الدَّلِيل وَبَيَان الْهدى يسْتَحق الْوَعيد على ترك سبيلهم

وَالْجَوَاب أَنه لَا يجوز أَن يكون المُرَاد ترك سبيلهم فِيمَا أَقَامُوا عَلَيْهِ الدَّلِيل لِأَنَّهُ إِذا قَامَ الدَّلِيل على الحكم ثَبت الْوَعيد بمخالفته وَإِن لم يكن ترك سَبِيل الْمُؤمنِينَ

<<  <   >  >>