وَأَيْضًا فَإِن التَّابِعين أَجمعُوا على حصر الْأَقَاوِيل وَضبط الْمذَاهب وَلَو جَازَ إِحْدَاث مَذْهَب آخر لم يكن لضبط الْأَقَاوِيل وَلَا حصر الْمذَاهب معنى
وَاحْتَجُّوا بِأَن اخْتلَافهمْ فِيهَا على قَوْلَيْنِ يُوجب جَوَاز الِاجْتِهَاد فَجَاز إِحْدَاث قَول ثَالِث كَمَا لَو لم يسْتَقرّ الْخلاف
وَالْجَوَاب هُوَ أَن اخْتلَافهمْ فِي ذَلِك يُوجب جَوَاز الِاجْتِهَاد فِي طلب الْحق من الْقَوْلَيْنِ فَأَما إِحْدَاث قَول ثَالِث فَلَا وَهَذَا كَمَا لَو أَجمعُوا فِي حَادِثَة على إبِْطَال حكم فِيهَا فَيَنْقَطِع الِاجْتِهَاد فِي ذَلِك الحكم ثمَّ لَا يمْنَع ذَلِك من الِاجْتِهَاد فِيهَا على غير مَا أَجمعُوا على بُطْلَانه كَذَلِك هَاهُنَا
وَيُخَالف هَذَا إِذا لم يسْتَقرّ الْخلاف لِأَن الْإِجْمَاع قبل الِاسْتِقْرَار لَا يمْنَع من الْخلاف وَبعد الِاسْتِقْرَار يمْنَع فَكَذَلِك الِاخْتِلَاف مثله
وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِأَنَّهُ يجوز إِحْدَاث دَلِيل آخر لم يذكرهُ الصَّحَابَة فَكَذَلِك يجوز إِحْدَاث قَول آخر لم يقلهُ الصَّحَابَة
قُلْنَا لَيْسَ إِذا جَازَ إِحْدَاث دَلِيل آخر جَازَ إِحْدَاث قَول آخر
أَلا ترى أَنهم لَو أَجمعُوا على دَلِيل وَاحِد جَازَ إِحْدَاث دَلِيل ثَان وَلَا يجوز إِحْدَاث قَول ثَان