وَأما الدَّلِيل على بطلَان قَول من قَالَ إِنَّه حجَّة وَلَيْسَ بِإِجْمَاع فَهُوَ أَن سكوتهم لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون دَلِيلا على الرِّضَا فَيجب أَن يصير إِجْمَاعًا أَو لَا يكون ذَلِك دَلِيلا على الرِّضَا فَيجب أَن لَا يكون حجَّة وَإِمَّا أَن يكون حجَّة وَلَا يكون إِجْمَاعًا فَلَا معنى لَهُ
وَاحْتَجُّوا بِأَن سكوتهم لَا يدل على الرِّضَا لِأَنَّهُ يجوز أَن يَكُونُوا لم يجتهدوا أَو اجتهدوا وَلم ينْتَه نظرهم أَو لم يظْهر الْخلاف لهيبة الْقَائِل كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس فِي خلاف عمر فِي الْعَوْل هِبته وَكَانَ أمرا مهيبا أَو لاعتقادهم بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب وَإِذا احْتمل هَذِه الْوُجُوه لم يجز أَن يحمل سكوتهم على الرِّضَا والموافقة
وَالْجَوَاب هُوَ أَنه لَا يجوز ترك الِاجْتِهَاد لِأَن الْعَادة نظر النَّاس فِي الْحَادِثَة عِنْد حدوثها إِذْ لَا مَانع لَهُم من ذَلِك فَلَا يجوز دَعْوَى خلاف الْعَادة وَلَا ترك الِاجْتِهَاد لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى محَال وَذَلِكَ أَنه إِذا أَخطَأ الْمُجْتَهد مِنْهُم وَترك الْبَاقُونَ الِاجْتِهَاد فقد أَخطَأ الْجَمِيع وخلا الْعَصْر عَن الْحق وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَخْلُو عصر من الْأَعْصَار من قَائِم لله تَعَالَى بِحَق