للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلِأَن الْعَاميّ لما جَازَ لَهُ التَّقْلِيد وَجب ذَلِك عَلَيْهِ وَلَو كَانَ هَذَا الْعَالم مثله للزمه التَّقْلِيد

قَالُوا وَلِأَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يُفْتِي بِمَا أنزل عَلَيْهِ من الْقُرْآن وَبِمَا يدل عَلَيْهِ الِاجْتِهَاد وللعالم طَرِيق إِلَى معرفَة ذَلِك من طَرِيق الِاجْتِهَاد ثمَّ يجوز لَهُ ترك الِاجْتِهَاد وَالْعَمَل بِمَا سَمعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك هَاهُنَا مثله

قُلْنَا لَو كَانَ بِمَنْزِلَة مَا سَمعه من النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لوَجَبَ أَن لَا يجوز لَهُ تَركه بِالِاجْتِهَادِ كَمَا لَا يجوز لَهُ ترك قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام

وَلِأَن قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حجَّة مَقْطُوع بِصِحَّتِهَا لِأَنَّهُ إِن كَانَ عَن وَحي فَهُوَ مَقْطُوع بِصِحَّتِهِ وَإِن كَانَ عَن اجْتِهَاد فَهُوَ مَقْطُوع بِصِحَّتِهِ أَيْضا لِأَنَّهُ لَا يخطىء فِي قَول بعض أَصْحَابنَا وَفِي قَول الْبَعْض يجوز أَن يخطىء وَلَكِن لَا يقر عَلَيْهِ فَإِذا أقرّ على قَضِيَّة علمنَا أَنه حق وصواب فَوَجَبَ المصيرإليها وَالْعَمَل بهَا وَلَيْسَ كَذَلِك مَا يقْضِي بِهِ الْعَالم لِأَنَّهُ لَا يقطع بِصِحَّتِهِ فَلم يجز للْعَالم ترك الِاجْتِهَاد لَهُ

قَالُوا إِذا جَازَ تَقْلِيد الْأمة فِيمَا أفتوا بِهِ وَإِن لم يعلمُوا الطَّرِيق الَّذِي أفتوا بِهِ فَكَذَلِك تَقْلِيد آحادها

قُلْنَا إِذا أَجمعُوا على شَيْء كَانَ قَوْلهم حجَّة لِأَن الدَّلِيل قد دلّ على نفي الْخَطَأ عَنْهُم فَصَارَ قَوْلهم فِي ذَلِك كالكتاب وَالسّنة وَلَيْسَ كَذَلِك آحادهم لِأَن الْخَطَأ عَلَيْهِم جَائِز فَلم يجز للْعَالم قبُوله

قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ التَّقْلِيد لَا يجوز لجَوَاز الْخَطَأ على من يقلده لوَجَبَ أَن لَا يقبل خبر الْوَاحِد لجَوَاز الْخَطَأ على ناقله

قُلْنَا خبر الْوَاحِد ظهر من غير نَكِير فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَول وَاحِد من الصَّحَابَة إِذا انْتَشَر من غير خلاف وَفِي مَسْأَلَتنَا اخْتلف النَّاس فِي الْمَسْأَلَة وتعارضت فِيهَا الْأَقْوَال

<<  <   >  >>