للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِيهِ إِلَى صَبر وَقد قَالَ عز وَجل {إِن هَذَا لَهو الْبلَاء الْمُبين} وَقَالَ {ستجدني إِن شَاءَ الله من الصابرين} فَدلَّ على أَن الْأَمر تنَاول جَمِيع ذَلِك

وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ الْمَأْمُور بِهِ مُقَدمَات الذّبْح لما احْتَاجَ فِيهِ إِلَى الْفِدَاء لِأَنَّهُ قد فعل ذَلِك وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وفديناه بِذبح عَظِيم} فَبَطل مَا قَالُوهُ

فَإِن قيل فقد فعل الذّبْح وَلَكِن كلما قطع جُزْءا التحم

قُلْنَا لَو كَانَ هَذَا صَحِيحا لَكَانَ قد ذكره الله سُبْحَانَهُ وَأخْبر عَنهُ لِأَن ذَلِك من المعجزات والآيات الباهرة الظَّاهِرَة

وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ كَمَا ذَكرُوهُ لَكَانَ لَا يفْتَقر إِلَى الْفِدَاء لِأَنَّهُ قد امتثل الْأَمر

وَأَيْضًا فَإِن السَّيِّد من الْعَرَب إِذا قَالَ لعَبْدِهِ افْعَل كَذَا سموا ذَلِك أمرا وَإِن لم يعلم مُرَاده وَلَو كَانَ شَرط الْأَمر الْإِرَادَة لما أطْلقُوا عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم قبل أَن تعلم إِرَادَته

وَأَيْضًا أَنه لَو كَانَ الْأَمر يَقْتَضِي الْإِرَادَة لما حسن أَن يَقُول الرجل لعَبْدِهِ أَمرتك بِكَذَا وَلم أرده كَمَا لَا يجوز أَن يَقُول أردْت مِنْك كَذَا وَلم أرده وَلما جَازَ أَن يَقُول أَمرتك بِكَذَا وَلم أرده وَلم يعد متناقضا دلّ على أَن الْأَمر لَا يَقْتَضِي الْإِرَادَة

وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ الْأَمر يَقْتَضِي الْإِرَادَة لوَجَبَ أَن لَا يكون أمرا لَا مرِيدا وَلما رَأينَا من يَأْمر وَلَيْسَ بمريد وَهُوَ الْمُكْره دلّ على أَنه لَا يَقْتَضِي الْإِرَادَة

وَاحْتَجُّوا بِأَن هَذِه الصّفة ترد وَالْمرَاد بهَا الْأَمر كَقَوْلِه تَعَالَى {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة}

<<  <   >  >>