للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ هَذَا صَحِيحا لوَجَبَ أَن لَا يجوز الِاجْتِهَاد فِي الظَّوَاهِر وَلَا فِي طلب الْقبْلَة لِأَن ذَلِك فعل الْمُجْتَهد فَلَا يجوز أَن تتَعَلَّق بِهِ مصَالح الْمُكَلّفين

قَالُوا وَلِأَن أَحْكَام الشَّرْع وأدلتها تتَعَلَّق بِقصد المتعبد وَيجوز أَن يُخَالف المتعبد بَين الْأَحْكَام مَعَ الِاتِّفَاق فِي الْمعَانِي ويوافق بَينهَا مَعَ الِاخْتِلَاف فِي الْمعَانِي فَإِذا جَازَ هَذَا لم يجز أَن يُوَافق بَين الْأَحْكَام لِاتِّفَاق الْمعَانِي إِلَّا بِأَن ينص لَهُ على ذَلِك وَمَتى ورد النَّص اسْتغنى عَن الْقيَاس

قُلْنَا الْأَحْكَام تتَعَلَّق بِقصد المتعبد كَمَا قُلْتُمْ وَلَكِن قَصده يعلم مرّة بالأسامي وَمرَّة بالمعاني وَالظَّاهِر أَنه إِذا اتّفقت الْمعَانِي أَن تتفق الْأَحْكَام كَمَا إِذا اتّفقت الْأَسَامِي اتّفقت الْأَحْكَام فَلَو كَانَ جَوَاز اختلافها مَانِعا من الْجمع لمنع ذَلِك من التَّسْوِيَة بَين الْأَسْمَاء المتفقة بِجَوَاز اختلافها فِي الحكم وَلما بَطل أَن يُقَال هَذَا فِي الْأَسْمَاء بَطل ذَلِك فى الْمعَانِي

قَالُوا وَلِأَن الْعلم بِالْقِيَاسِ يُؤَدِّي إِلَى مناقضة الْأَحْكَام فَإِن الْفَرْع إِذا تجاذبه أصلان وَأخذ شبها من كل وَاحِد مِنْهُمَا وَجب إِلْحَاقه بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا بِحَق الشّبَه وَذَلِكَ متناقض

قُلْنَا فَيجب أَن لَا يجوز الْقيَاس فِي العقليات لِأَن فِي أَحْكَام الْعقل مَا يتجاذبه أصلان فَيُؤَدِّي الْقيَاس إِلَى التَّنَاقُض لِأَنَّهُ إِذا تجاذبه أصلان ألحقناه بأشبههما وأقربهما إِلَيْهِ فَلَا يُؤَدِّي إِلَى التَّنَاقُض

قَالُوا الْقيَاس أدنى البيانين فَلَا يجوز مَعَ إِمْكَان أظهرهمَا أَن يقْتَصر على الْأَدْنَى

قُلْنَا يجوز أَن يفعل ذَلِك ليتوفر الْأجر فِي الِاجْتِهَاد وَيكثر الثَّوَاب فِي الطّلب

ثمَّ هَذَا يَقْتَضِي أَن لَا يكون فِي الشَّرْع مُجمل وَلَا متشابه فَإِن الْمفصل الْمُحكم أظهر فِي الْبَيَان وَفِي علمنَا بِجَوَاز ذَلِك دَلِيل على بطلَان مَا ذَكرُوهُ

<<  <   >  >>