للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمصلحَة إِلَّا أَنه جعله أَمارَة على التَّحْرِيم حَيْثُ وجدت فَلَا يجوز قِيَاس غَيره عَلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيل

قُلْنَا لَو كَانَ الْقَصْد بِهِ مَا ذكرْتُمْ لاقتصر على بَيَان الحكم وَلما ذكر الحكم وعلته دلّ على أَنه قصد إجراءها حَيْثُ وجدت

قَالُوا لَو كَانَ ذكر التَّعْلِيل فِي شَيْء يَقْتَضِي الطَّرْد والجريان لوَجَبَ إِذا قَالَ الرجل أعتقت عَبدِي فلَانا لِأَنَّهُ أسود أَن يعْتق عَلَيْهِ كل عبد أسود وَلما بَطل أَن يُقَال هَذَا دلّ على أَن ذكر الْعلَّة لَا يَقْتَضِي الطَّرْد والجريان

وَلِأَنَّهُ لَو لم يقْصد إِثْبَات الحكم فِي كل مَوضِع وجدت فِيهِ الْعلَّة لم يفد ذكر التَّعْدِيل شَيْئا وَصَارَ لَغوا

قُلْنَا إِنَّمَا لم يلْزم من ذَلِك فِي حق الْوَاحِد منا لِأَنَّهُ تجوز عَلَيْهِ المناقضة فِي أَقْوَاله وأفعاله فَأَما صَاحب الشَّرْع فَلِأَنَّهُ لَا تجوز عَلَيْهِ المناقضة فِي أَقْوَاله وأفعاله فَإِذا علل بعلة وَجب طردها

قَالُوا وَلَكِن مَا جعل عِلّة فِي الحكم غير مُوجب للْحكم بِنَفسِهِ لِأَنَّهُ قد كَانَ مَوْجُودا قبل ذَلِك وَلم يُوجد الحكم

وَأَيْضًا صَار مُوجبا بِجعْل جَاعل فَيجب أَن لَا يكون عِلّة إِلَّا حَيْثُ جعلهَا عِلّة

قُلْنَا لَو كَانَ هَذَا صَحِيحا لوَجَبَ أَن لَا يكون عِلّة إِلَّا فِي الزَّمَان الَّذِي جعله فِيهِ عِلّة لِأَنَّهُ صَار عِلّة بجعله فَيجب أَن يكون مَقْصُورا على الزَّمَان الَّذِي جعله فِيهِ عِلّة وَلما لم يَصح أَن يُقَال هَذَا فِي الزَّمَان لم يَصح أَن يُقَال ذَلِك فِي الْأَعْيَان

قَالُوا لَو كَانَ ذكر الْعلَّة فِي عين يُوجب ثُبُوت الحكم فِي كل عين لوَجَبَ إِذا قَالَ حرمت السكر لحلاوته وأحللت الْعَسَل أَن يكون ذَلِك مناقضة فَلَمَّا جَازَ أَن يَقُول ذَلِك وَلم يقبح دلّ على أَن الْعلَّة لَا تَقْتَضِي الطَّرْد

<<  <   >  >>