للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالْقِيَاسِ كَمَا إِذا ثَبت للشَّيْء حكم بِالنَّصِّ لَا يجوز أَن يثبت لَهُ حكم آخر بِالْقِيَاسِ

قُلْنَا الْأَحْكَام تتنافى فَإِذا ثَبت للشَّيْء حكم لم يجز أَن يثبت لَهُ حكم آخر يُخَالِفهُ والأسماء لَا تتنافى فَيكون للشَّيْء اسْم وَيجْعَل لَهُ اسْم آخر يدلك عَلَيْهِ أَنه يجوز أَن يكون للشَّيْء الْوَاحِد اسمان وَثَلَاثَة وَأكْثر من طَرِيق التَّوْقِيف وَلَا يجوز أَن يكون للشَّيْء الْوَاحِد حكمان متضادان من طَرِيق النَّص فَافْتَرقَا

قَالُوا الْقيَاس إِنَّمَا يَصح فِي اللُّغَة إِذا ثَبت أَنهم وضعُوا ذَلِك على الْمَعْنى ثمَّ أذنوا فِي الْقيَاس عَلَيْهِ وَهَذَا لَا سَبِيل إِلَى إثْبَاته فَيجب أَن لَا يَصح الْقيَاس فِيهَا

قُلْنَا نَحن إِنَّمَا نقيس فِيمَا وضعُوا على الْمَعْنى وَذَلِكَ يعلم باستقراء كَلَامهم واستمرارهم فِي الشَّيْء على طَريقَة وَاحِدَة فَيعلم بذلك قصدهم كَمَا يعلم قصد صَاحب الشَّرْع

وَأما الْإِذْن فَلَا يحْتَاج إِلَيْهِ مَعَ الْعلم بِالْمَعْنَى إِذْ لَا فرق بَين أَن يَقُول سميتها خمرًا للشدة المطربة وَبَين أَن يَقُول كل شَدِيد مطرب فَهُوَ خمر

قَالُوا وَلِأَن الِاسْم لم يوضع على الْقيَاس أَلا ترى أَنهم خالفوا بَين المتشاكلين فِي الِاسْم فسموا الْفرس الْأسود أدهم وَلم يسموا الْحمار الْأسود أدهم ويسمون الْفرس الْأَبْيَض أَشهب وَلم يسموا الْحمار الْأَبْيَض أَشهب فَدلَّ على أَنه لَا مجَال للْقِيَاس فِيهِ

قُلْنَا لَو كَانَ هَذَا طَرِيقا فِي إبِْطَال الْقيَاس فِي الْأَسَامِي فِي اللُّغَة لَكَانَ طَرِيقا فِي إبِْطَال الْقيَاس فِي الشرعيات فَيُقَال إِنَّهَا وضعت على غير الْقيَاس أَلا ترى أَنه فرق بَين المتشاكلين وَهُوَ الْمَذْي والمني فَأوجب الْغسْل بِأَحَدِهِمَا دون الآخر فَيجب أَن يبطل الْقيَاس وَلما بَطل هَذَا فِي الشرعيات بَطل مَا قَالُوهُ فِي الْأَسْمَاء واللغات

قَالُوا لَو جَازَ إِثْبَات الْأَسْمَاء المشتبهة بِالْقِيَاسِ لجَاز إِثْبَات الألقاب وَلما لم يجز ذَلِك لم يجز هَذَا

قُلْنَا الألقاب لم تُوضَع على الْمَعْنى وَلَا يُمكن قِيَاس غَيرهَا عَلَيْهَا والمشتقة وضعت على الْمَعْنى فَأمكن قِيَاس غَيرهَا عَلَيْهَا فَافْتَرقَا

<<  <   >  >>