للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالُوا الْعِلَل الشَّرْعِيَّة غير مُوجبَة للْحكم بأنفسها وَإِنَّمَا صَارَت أَمَارَات على الْأَحْكَام بِجعْل جَاعل وَقصد قَاصد فَجَاز أَن يَجْعَلهَا أَمارَة للْحكم فِي عين دون عين كَمَا جَازَ أَن يَجْعَلهَا أَمارَة للْحكم فِي وَقت دون وَقت

قُلْنَا هَذَا هُوَ الْحجَّة عَلَيْكُم وَذَلِكَ أَنه إِذا صَارَت أَمارَة بِقصد قَاصد لم يجز التَّعَلُّق بهَا إِلَّا على الْوَجْه الَّذِي جعله أَمارَة وَمَتى أخل بِبَعْض الْأَوْصَاف لم يَأْتِ بِمَا جعله أَمارَة عَن الحكم فَيجب أَن لَا يَصح

وعَلى أَنه إِذا تعلق الحكم بالعلل بِقصد القاصد وَهُوَ يخص مرّة ويعم أُخْرَى لم يَأْمَن أَن يكون مَوضِع الْخلاف مَخْصُوصًا من الْعلَّة فَلَا يجوز أَن يتَعَلَّق الحكم بهَا على الْإِطْلَاق

قَالُوا إِذا جَازَ أَن يصل بِالْمَعْنَى مَا يمْنَع الْبَعْض جَازَ أَيْضا أَن يُؤَخِّرهُ عَنهُ كبيان الْمدَّة الَّتِي تتَعَلَّق بهَا الْعِبَادَة

قُلْنَا بَيَان الْمدَّة إِنَّمَا يُرَاد لإِسْقَاط الحكم فَلَا حَاجَة إِلَى بَيَانه عِنْد الْإِيجَاب وَلَيْسَ كَذَلِك الْوَصْف المضموم إِلَى الْوَصْف لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا شَرط لإِيجَاب الحكم فَلَا يجوز تَأْخِير أَحدهمَا عَن الآخر

قَالُوا لما جَازَ تَأْخِير الحكم من غير عِلّة جَازَ وجود الْعلَّة أَيْضا من غير حكم

أَلا ترى أَن الْعِلَل الْعَقْلِيَّة لما لم يجز وجود الْعلَّة من غير حكم لم يجز وجود الحكم من غير عِلّة وَلما جَازَ هَاهُنَا أَحدهمَا وَجب أَن يجوز الآخر

قُلْنَا وجود الحكم من غير عِلّة لَا يمْنَع كَون الْعلَّة عِلّة فِي الْموضع الَّذِي جعله عِلّة وَوُجُود الْعلَّة من غير حكم يمْنَع أَن يكون مَا ذكره عِلّة حَتَّى يُضَاف إِلَيْهِ وصف آخر لِأَن وجود الحكم من غير عِلّة يدل على أَن للْحكم عِلّة أُخْرَى وَثُبُوت عِلّة لَا يمْنَع ثُبُوت عِلّة أُخْرَى لِأَن الْعلَّة تخلف الْعلَّة فِي إِثْبَات الحكم ووجودها من غير الحكم يدل على أَنه ذكر بعض الْعلَّة وَبَعض الْعلَّة لَا يخلف جَمِيعهَا فِي إِثْبَات الحكم فَافْتَرقَا

<<  <   >  >>