الحكم كَمَا قَالَ آخَرُونَ فَيجوز أَيْضا أَن تَجْتَمِع أَمَارَات فِي إِثْبَات الحكم فَوَجَبَ أَن يجوز القَوْل بالعلتين
وَاحْتج الْمُخَالف بِأَنَّهُمَا يتنافيان فِي الْمَعْنى لِأَن إِحْدَاهمَا تَقْتَضِي حمل الْفَرْع على الأَصْل وَالْأُخْرَى تمنع من ذَلِك فصارتا كالعلتين المتنافيتين فِي الحكم
قُلْنَا لَا نسلم أَن بَينهمَا تنافيا
وَقَوْلهمْ إِن إِحْدَاهمَا تمنع حمل الْفَرْع على الأَصْل غير حصحي لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يمْنَع حمل الْفَرْع على الأَصْل وَإِنَّمَا لَا يتَعَدَّى إِحْدَاهمَا فَأَما أَن يكون هُنَاكَ عِلّة أُخْرَى تَقْتَضِي حمل الْفَرْع على الأَصْل فَلَا يجوز
قَالُوا وَلِأَن القَوْل بهما يُؤَدِّي إِلَى تنَافِي الحكم فِي الْعلَّة لِأَنَّك إِذا عكست إِحْدَى العلتين فِي الْفَرْع أوجبت ضد حكم الْمُعَلل فَصَارَ كالعلتين المتنافيتين
قُلْنَا إِن الْعِلَل الشَّرْعِيَّة إِنَّمَا تَقْتَضِي وجود الحكم لوجودها وَلَا تَقْتَضِي انتفاءه بانتفائها فَلَا يُؤَدِّي إِلَى التَّنَافِي فِي الحكم فِي العلتين