لِأَن مَا ذكر عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله فِيهِ قَولَانِ على وُجُوه لَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا مَا يتَوَجَّه عَلَيْهِ اعْتِرَاض
فَمِنْهَا أَن يذكر قولا فِي الْقَدِيم ثمَّ يذكر قولا آخر فِي الْجَدِيد فَيكون مذْهبه الثَّانِي مِنْهُمَا وَالْأول مرجوع عَنهُ وَيكون الْقَوْلَانِ لَهُ رَحمَه الله كالروايتين عَن الْإِمَامَيْنِ أبي حنيفَة وَمَالك وَسَائِر الْفُقَهَاء رَحِمهم الله
وَمِنْهَا أَن يذكر قَوْلَيْنِ ثمَّ يدل على تَصْحِيح مذْهبه مِنْهُمَا بِأَن يَقُول هَذَا أشبه بِالْحَقِّ وَأقرب إِلَى الصَّوَاب أَو يفْسد الآخر وَيَقُول هُوَ مَدْخُول فِيهِ أَو منكسر فيبين أَن مذْهبه هُوَ الآخر أَو يفرع على أَحدهمَا وَيتْرك الآخر فَيعلم أَنه هُوَ الْمَذْهَب فَمَا كَانَ مِنْهُ على هَذَا الْوُجُوه لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ لم يجمع بَين الْقَوْلَيْنِ فِي الِاخْتِيَار فينسب إِلَى أَنه اعْتقد قَوْلَيْنِ متضادين فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة وَلَا توقف عَن الْقطع بِأَحَدِهِمَا فَيُقَال إِنَّه قصر عَن إِدْرَاك الْحق
فَإِن قيل إِذا كَانَ مذْهبه أحد الْقَوْلَيْنِ على مَا ذكرْتُمْ فَمَا الْفَائِدَة فِي ذكر الْقَوْلَيْنِ
قُلْنَا إِنَّمَا ذكر ذَلِك ليعلم أَصْحَابه طرق الْعِلَل واستخراجها والتمييز بَين الصَّحِيح من الْفَاسِد من الْأَقَاوِيل وَهَذِه فَائِدَة كَبِيرَة وغرض صَحِيح وَقد يكون من ذَلِك مَا ينص فِيهِ على قَوْلَيْنِ وَلَا يبين مذْهبه مِنْهُمَا قَالَ القَاضِي أَبُو حَامِد وَلَا نَعْرِف لَهُ مَا هَذَا سَبيله إِلَّا فِي سِتّ عشرَة مَسْأَلَة أَو سبع عشرَة مَسْأَلَة فَهَذَا أَيْضا لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ لم يذكرهما على أَنه مُعْتَقد لَهما وَكَيف يُقَال هَذَا وهما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute