وَالْجَوَاب أَن قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَوْجُود فِي مَوضِع الْخلاف متناول لَهُ فَوَجَبَ الْعَمَل بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِك فِي مَسْأَلَتنَا لِأَن الْإِجْمَاع قد زَالَ فِي مَوضِع الْخلاف فوزانه من قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام أَن يرد اللَّفْظ خَاصّا فِي مَوضِع وَلَا يجب استصحابه فِي الْموضع الَّذِي لَا يتَنَاوَلهُ
قَالُوا وَلِأَن الْإِجْمَاع يصدر عَن لفظ وَإِن لم يظْهر ذك فالاستدلال بِهِ كالاستدلال بِاللَّفْظِ وَقد ثَبت أَن اللَّفْظ يجب الْعَمَل بِهِ فِي مَوضِع الْخلاف فَكَذَلِك الْإِجْمَاع
وَالْجَوَاب أَن الْإِجْمَاع قد يصدر عَن لفظ فَيجب الْبَقَاء على حكمه وَقد يصدر عَن معنى فَلَا يجب الْبَقَاء على حكمه وَلَيْسَ لَهُم أَن يحملوا ذَلِك على أحد الْأَمريْنِ إِلَّا وَلنَا أَن نحمله على الْأَمر الآخر
وعَلى أَنه إِن كَانَ ذَلِك عَن لفظ فَيجوز أَن يكون ذَلِك عَن لفظ مَقْصُور على مَوضِع الْإِجْمَاع لَا يتعداه فَلَا يجوز إِثْبَات حكمه فِي مَوضِع الْخلاف بِالشَّكِّ
قَالُوا وَلِأَن مَا ثَبت بِالْعقلِ من بَرَاءَة الذِّمَّة يجب استصحابه فِي مَوضِع الْخلاف فَكَذَلِك مَا ثَبت بِالْإِجْمَاع
قُلْنَا إِنَّمَا وَجب اسْتِصْحَاب بَرَاءَة الذِّمَّة لِأَن دَلِيل الْعقل فِي بَرَاءَة الذمم قَائِم فِي مَوضِع الْخلاف فَوَجَبَ اسْتِصْحَاب حكمه وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا لِأَن الْإِجْمَاع الَّذِي أوجب الحكم قد زَالَ فِي مَوضِع الْخلاف فَوَجَبَ طلب الدَّلِيل على إِثْبَات حكمه