للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: وأضافهم إليه إضافة اختصاص، وبالغ بن فورك: فجزم بأن الرواية بلفظ الرجل غير ثابتة عند أهل النقل، وهو مردود لثبوتها في الصحيحين، وقد أوّلها غيره بنحو ما تقدم في القدم فقيل: رجل بعض المخلوقين، وقيل: إنها اسم مخلوق من المخلوقين، وقيل: إن الرجل تستعمل في الزجر، كما تقول: وضعته تحت رجلي، وقيل: إن الرجل تستعمل في طلب الشيء على سبيل الجد، كما تقول: قام في هذا الأمر على رجل، وقال أبو الوفاء بن عقيل: تعالى الله عن أنه لا يعمل أمره في النار حتى يستعين عليها بشيء من ذاته أو صفاته، وهو القائل للنار: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا} [(٦٩) سورة الأنبياء] فمن يأمر ناراً أججها غيره أن تنقلب عن طبعها وهو الإحراق فتنقلب فكيف يحتاج في نار يؤججها هو إلى استعانة؟! انتهى.

المقصود أن هذا الكلام كله من التأويل المذموم المردود، الذي يراد منه نفي ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه، واعتقده واتفق عليه سلف هذه الأمة وأئمتها، فلا محيد عن إثبات ما أثبته الله لنفسه، الله -جل وعلا- يثبت لنفسه ونحن نقول: لا يُثبت، لا شك أن هذه محادة ومعاندة، فهؤلاء -أعني الذي ينفون ما أثبته الله لنفسه- كيف يتصورون يقوم القيامة إذا جاء الله -جل وعلا- على الصفة التي يعرفونها؟ كيف يعرفون الصفة وهم ينفون الصفات؟! يعني إذا جاء عن الصفة التي يعرفونها يسجدون له، هؤلاء كيف يسجدون؟ هل عرفوه من أجل أن يسجدوا له؟ لا يمكن أن يعرف إلا من خلال ما جاء عنه -جل وعلا- في كتابه أو على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، هل يمكن أن يعرف شخص دون وصف؟ يعرف شيء ما رؤي سابقاً ولا وصف؟ ما يمكن أن يعرف، والله -جل وعلا- وصف نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه -علي الصلاة والسلام- وأجمع سلف الأمة على هذه الأوصاف فصاروا يعرفونه بهذه الأوصاف التي جاءت عنه، فإذا جاءهم على صفته عرفوه، فكيف يعرفه من ينكر صفاته؟ كيف يعرفه من ينكر الصفات؟ هل يمكن معرفته مع إنكار الصفات؟! بأي شيء يعرفونه؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>