للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا شك أن هذا خطر عظيم؛ لأنهم مع إنكارهم لهذه الصفات يعبدون غير ما جاءت صفاته في الكتاب والسنة؛ لأن ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه في كتابه وعلى لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام- وما أجمع عليه سلف هذه الأمة هو بمجموعه ما يمكن أن يعرف به إذا جاء على صفته، كما أننا لا نعرف النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا من خلال ما جاء في كتب الشمائل، في كتب السيرة، يعني لو لم نعرف أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أبيض وربعة وبعيد ما بين المنكبين وضليع الفم وشذن الكفين كيف نعرفه؟ ما يمكن أن نعرفه إلا بهذه الأوصاف، فإذا جاء الرب -جل وعلا- على صفته التي نعرفها من خلال ما جاءنا عنه -جل وعلا- في كتابه وعلى لسان نبيه يسجد له من كان يعبده في الدنيا، لكن من ينفي الصفات كيف يعرف؟! أنا لا أتصور أن شخصاً ينفي الصفات ثم يقول: إنه سوف يعرف الرب -جل وعلا-، هو لا يتصور صفات مثبتة، إنه يعبد شيء لا أوصاف له وهذا أشبه ما يكون بالعدم؛ لأن وجوده في الأذهان، لا يمكن أن يتصور في الأعيان شيء لا أوصاف له، هل ممكن تتصور إنسان لا وجه له، ولا يد له، ولا رجل له، ولا شيء من الصفات؟ يمكن تتصور إنسان بهذه الكيفية؟ ما يمكن، يعني إذا كان الأذهان والخيالات يمكن أن تسرح مسارح ويمكن تثبت مثل هذه الأمور التي لا حقائق لها فالأعيان لا يمكن أن يوجد فيها مثل هذا، فلا بد من إثبات ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه، ولا يلزم من الإثبات التشبيه، لا يلزم من ذلك أن يكون الخالق مثل المخلوق، فالخالق له وجه وله رجل وقدم ويد وعين وسمع وبصر -جل وعلا- عن مشابهة المخلوقين، وتعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، فله هذه الأوصاف ولا يعني أننا إذا أثبتنا شيء من ذلك أنه نشبه به أحد من خلقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>