وبأنه تعالى ليس بجوهر ولا جسم ولا عرض، ولا تحله الحوادث، ولا يحل في حادث، ولا ينحصر فيه، فمن اعتقد أو قال إن الله تعالى بذاته في كل مكان أو في مكان فكافر، في مكان يعني لو قلنا في جهة العلو؟ بل يجب الجزم بأنه تعالى بائنٌ من خلقه نعم بائنٌ من خلقه، لكنه مستوٍ على عرشه، ولا يعني كون الرب -جل وعلا- أنه مستوٍ على عرشه أنه محتاجٌ إليه، أنه يقله -تعالى الله-.
فبائنٌ من خلقه، فالله تعالى -هذا الكلام المراد- فالله تعالى كان ولا مكان كما نقل الشيخ، كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو على ما عليه كان قبل خلق المكان، وكل شيء سوى الله إلى آخره -صفات حادثة- والله -سبحانه وتعالى- خلقه وأوجده وابتدأه من العدم إلى آخره.
المقصود الذي يهمنا هو ما نقله الشيخ عنه، يقول: فالله تعالى كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو ما عليه كان قبل خلق المكان، هذا ما نقله عن الشيخ -رحمه الله تعالى- يقول: فالله تعالى كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو ما عليه كان قبل خلق المكان، وهذا إنما يقوله من لم يؤمن باستواء الرب على عرشه من المعطلة، والحق أن يقال: إن الله تعالى كان وليس معه غيره، ثم خلق السماوات والأرض في ستة أيام، أربعة منها للأرض بما فيها، ويومان منها للسماء، في ستة أيام وكان عرشه على الماء، ثم استوى على العرش، كان عرشه على الماء، يعني كان العرش موجود، قبل خلق السماوات والأرض، ولكنه كان على الماء، ثم استوى على العرش، وثم هنا للترتيب لا لمجرد العطف.
قال ابن القيم في النونية:
والله كان وليس شيء غيره ... وبرى البرية وهي ذو حدثان
يعني أن البرية –المخلوقات- كلها حادثة، الله -جل وعلا- أثبت لنفسه هذه الصفة، وهي من صفات الفعل؛ لأنها متعلقة بالإرادة والمشيئة، فهي صفة فعل، وأما صفة العلو ذاتية وإلا فعلية؟ يأتي الكلام فيها وهي ذاتية، قد يقول قائل، وسيأتي الكلام في حديث النزول إن الله -جل وعلا- ينزل -كما في الحديث المتفق على صحته- آخر كل ليلة إلى السماء الدنيا، آخر كل ليلة إلى السماء الدنيا، ثم يقول -جل وعلا- ما يقول كما ثبت في الصحيح، وقت نزوله إلى السماء الدنيا، ماذا عن الاستواء؟