هذا كلام ابن حجر، فهو راجعٌ إلى أفعاله لا إلى ذاته، قد يقول: ينزل أمره، ينزل حكمه، ينزل فضله، إلى غير ذلك مما يضاف إلى الله -جل وعلا- من الأفعال، لا إلى الذات، لا أنه بذاته -سبحانه وتعالى- ينزل.
"بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه".
هذا كلامه وهذا اختياره، لكن هذا كلام صحيح؟ لا، ليس بصحيح؛ لأن هذه الأفعال نزولها لا يختص بالثلث الآخر من الليل، معناه أنه لا ينزل الله -جل وعلا- أمر إلا في الثلث الأخير، واضح وإلا ما هو بواضح؟ بل أمره وحكمه نازلٌ في كل وقت، فدل على أن النزول لا لأمره ولا لحكمه، وإنما هو لذاته -جل وعلا-، على ما يليق بجلاله وعظمته.
"والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني".
يعني كما ينزل جبريل ينزل الأمر ينزل الوحي، وهو معنى من المعاني لا جسم له، في الآخرة المعاني تجسد، تكون أعيان، وتوزن حسنات، كيف توزن الحسنات؟ القدرة الإلهية صالحة لمثل هذا، إذاً قد يقولون: أن هذه المعاني الله -جل وعلا- قادرٌ على أن يجعلها في حكم المحسوسات، فتنزل كما ينزل جبريل مثلاً، نقول: لكن نزول هذه الأمور لا يختص بهذا الوقت، ولو صارت في حكم المحسوسات.
"والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني، فإن حملته في الحديث على الحسي فتلك صفة الملك المبعوث بذلك، وإن حملته على المعنوي بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل، فيسمى ذلك نزولاً عن مرتبة إلى مرتبة فهي عربية صحيحة، انتهى.
والحاصل أنه تأوله بوجهين: إما بأن المعنى ينزل أمره، أو الملك بأمره وإما بأنه استعارة بمعني التلطف بالداعين، والإجابة لهم، ونحو ذلك. وقد حكى أبو بكر بن فورك أن بعض المشايخ .. "