للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

في كلام كثيرٍ جداً ...

من الطرائف أن بعضهم يقول: بقدم الجلد والغلاف، كتب المصحف في الورق قال: حتى الورق قديم والجلد قديم، والغلاف قديم كل شيء قديم. ثم تهكم –شيخ الإسلام- بقوله: ما لهم لم يقولوا بقدم الكاتب والمجلِّد؟! إذا كان الجلد والغلاف كله قديم، فلماذا المجلد ما يصير قديم؟

على كل حال هذه المسألة عظيمة، وفيها مباحث طويلة، وضل فيها طوائف ممن ينتسب إلى الدين، ولا فرق بين من يقول: إن الله -جل وعلا- خلق الكلام في الشجرة حينما كلم موسى وأخبره بأنه رب، فإذا قلنا: أنه خلق الكلام في الشجرة، فكلام الشجرة المخلوق فيها ككلام فرعون المخلوق فيه {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [(٢٤) سورة النازعات] ولا فرق، إذا قالت الشجرة: {أَنَا رَبُّكُمُ} على قول المعتزلة القرآن مخلوق، أن الله خلقه في الشجرة، فالشجرة هي التي قالت: {أَنَا رَبُّكُمُ} فما الفرق بين قول الشجرة وبين قول فرعون {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} في فرق وإلا ما في فرق؟ ما في فرق، لكن الضلال حاصل، نسأل الله السلامة والعافية.

هنا مذهب السالمية الذي يعبر عنهم بالاقترانية يقول:

والفرقة الأخرى فقالت إنه ... لفظٌ ومعنى ليس ينفصلانِ

واللفظ كالمعنى قديمٌ قائمٌ ... بالنفس ليس يقابل الحدثانِ

فالسين عند الباء لا مسبوقة

يعني لو قلت: بسم الله، خرجت الباء والسين في آنٍ واحد، يعني ما في باء تسبق السين أو سين تسبق الباء، الكلام كله مقترن بعضه ببعض.

فالسين عند الباء لا مسبوقة ... لكن هما حرفان مقترانِ

إلى آخره ...

والقائلون بذا يقولوا إنما ... ترتيبها في السمع بالآذانِ

يعني أن الله -جل وعلا- على حد زعمهم تلفظ بالحروف دفعة واحدة، -تعالى الله عما يقولون-، لكن جبريل رتب هذه الحروف، يعني من باب التصوير والتمثيل -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً-، يعني كأن هذه الحروف مطبعة، الذي جمع حرف حرف أعطيت للطابع، وقيل: يا لله رتب هذه الحروف وأطبعها، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. الله المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>