رأى حادث، والحادث فيه أموات، لا شك أنه يتأثر، ثم يقلل من هذه السرعة إذا تجاوزه يقلل, ثم لا يلبث أن يزيد يزيد يزيد إلى أن يصل إلى عادته، فالإنسان إذ مرَّ بمثل قول الله -جل وعلا-: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ} [(٢٤) سورة محمد] وهو يهذّ {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [(٢٤) سورة محمد] تريث قليلاً، ثم بعد ذلك لا يلبث أن يعود إلى عادته، فالعادة لا شك أنها قاهرة، لكن مع ذلك نقول: استمر على عادتك، ولك أجر الحروف إن شاء الله تعالى، واجعل لك ختمة تدبر، ولتكن في وقتٍ الذهن يصير فاضي من أمور الدنيا، ويكون بين يديك من التفاسير الموثوقة ما تراجع فيه ما يشكل عليك.
طالب:. . . . . . . . .
أيش المانع؟ ما في شيء؛ لأن الأجر المرتب على القراءة من قرأ، والقراءة تحصل من غير تدبر، فأجر القراءة شيء، وأجر التدبر والترتيل قدرٌ زائدٌ عليه, وجاء عند أحمد والدارمي:((يقال لقارئ القرآن اقرأ وارتق بدرج الجنة كما كنت تقرأ في الدنيا هذّاً كان أو ترتيلاً)) لكن الذي يرد على هذا أن الذي يقرأ بالهذّ ينتهي ما عنده بسرعة، فيقف عن الارتقاء، والذي يقرأ بالترتيل لا ينتهي بسرعة.
وعلى كل حال، قارئ القرآن على خير، سواءً قرأ بالهذ أو بالترتيل، وإن كان الترتيل والتدبر أفضل بكثير، حتى يقرر بعض أهل العلم أن الشيء اليسير مع التدبر أفضل من الكثير مع عدمه.
وابن القيم يقول: لو افترضنا أن شخصاً ختم القرآن في شهر مرة واحدة على الوجه المأمور به، أو ختم عشر مرات يقرأ القرآن في ثلاث بدون تدبر ولا ترتيل، فلا شك أن هذا أفضل، يكون من قرأه مرة كمن أهدى درة ثمينة، ومن قرأه عشراً فكأنما أهدى عشر درر، لكن هذه الدرة الثمينة قد تعادل مائة من العشر، ولا شك أنه أفضل وأجره أعظم، لكن بعض الناس يقول تعودت, والله ما أقدر أنا، وبعض الناس يعني كأنه أخذ على نفسه العهد، وإن لم يلفظ به أنه يقرأ القرآن في كذا، يعني اختط لنفسه أنه يقرأ القرآن في سبع، فكونه يقرأ القرآن في كل أسبوعين أو في كل عشرة أيام لا شك أنه رجوع ونكوص عما اختطه لنفسه، وهذا عند أهل العلم معروفٌ أنه لا ينبغي.