للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ ليس للشيطان قدرة على سلب الإنسان الاختيار، قال الله تعالى مخبراً عنه: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [(٢٢) سورة إبراهيم] ولو كان للشيطان هذه القدرة لما بقي لأحد من بني آدم قوة في طاعة، ومن توهم أن للشيطان هذه القوة فهو قول الثنوية والمجوس في أن الخير من الله والشر من الشيطان، ومن قال جرى ذلك على لسانه سهواً قال: لا يبعد أنه كان سمع الكلمتين من المشركين وكانتا على حفظه فجرى عند قراءة السورة ما كان في حفظه سهواً، وعلى هذا يجوز السهو عليهم ولا يقرون عليه، وأنزل الله -عز وجل- هذه الآية تمهيداً لعذره وتسلية له؛ لئلا يقال: إنه رجع عن بعض قراءته، وبين أن مثل هذا جرى على الأنبياء سهواً، والسهو إنما ينتفي عن الله تعالى، وقد قال ابن عباس: إن شيطاناً ...

. . . . . . . . . من غير النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قد يردد كلام في نفسه أو يركب شيء على شيء ثم يتلوه متتابعاً ويقرأه ويحدث فيه وغير متتابعاً وإن كان بعضه لا يرتبط ببعض، يعني على سبيل المثال: لو أن شخصاً في ورده آيات من القرآن غير منتظمة، يعني آية من البقرة وأخرى من آل عمران وثالثة من كذا إلى آخره، وهو يقرأ في سورة البقرة بناءً على أنه أخذ لسانه على هذا، فإذا انتهت آية البقرة جاء بما في آل عمران؛ لأنه يردد هذا في كل يوم، فإذا تُصور هذا من غير النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا يمكن أن يتصور منه، وهو المبلغ عن الله -جل وعلا-.

وقال قال ابن عباس: إن شيطاناً يقال له: الأبيض كان قد أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صورة جبريل -عليه السلام- وألقى في قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى" وهذا التأويل وإن كان أشبه مما قبله فالتأويل الأول عليه المعوَّل، فلا يعدل عنه إلى غيره، لاختيار العلماء المحققين إياه ...

هذا على القول بتسليمه، تسليم القائل الشيطان وليس النبي -عليه الصلاة والسلام-، على فرض التسليم، لكن كما قال المؤلف: ضعف الحديث مغن كل تأويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>