للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكّل الله، نعم، من باب على جهة التوسع في اللفظ، فإذا أردنا أن الله -جل وعلا- من أسمائه الوكيل فكونه وكيل لا يعني أنه سبب أو يتوصل به إلى قضاء الحوائج، هو الذي يقضي الحوائج، وليس كالوكيل من البشر، كأن مقصود قولهم: وكّل الله، يعني توكّل عليه أو فوّض أمرك إليه، أو اتخذه وكيلاً فلا مانع -إن شاء الله تعالى-، لكن لا على معنى الوكيل من البشر الذي هو مجرد سبب قد يتحقق الأمر على يديه أو لا.

طالب: الغالب أنه يقصد: اتخذه وكيلاً، فوّض الأمر إليه ...

من هذه الحيثية لا بأس.

{وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} أي نزِّه الله تعالى عما يصفه هؤلاء الكفار به من الشركاء، والتسبيح: التنزيه، وقد تقدم، وقيل: {وَسَبِّحْ} أي وصلِّ له، وتسمى الصلاة تسبيحاً.

الصلاة تسبيحاً، والنافلة سبحة.

{وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} أي عليماً فيجازيهم بها، قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(٥٩) سورة الفرقان] تقدم في الأعراف، و {الَّذِي} في موضع خفضٍ نعتاً للحي، وقال: {بَيْنَهُمَا} ولم يقل بينهن؛ لأنه أراد الصنفين والنوعين والشيئين كقول القطامي:

ألم يحزنك أن حبال قيس ... وتغلب قد تباينتا انقطاعا

أراد وحبال تغلب فثنَّى، والحبال جمع؛ لأنه أراد الشيئين والنوعين.

نعم إذا عاد الضمير إلى فريقين ولو تعدد أفراد الفريقين فإنه يعود إليهما بالتثنية، ولو تعدد الأفراد، وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فعود الضمير بالجمع بناءً على تعدد الأفراد وعوده بالتثنية بناءً على الطائفتين.

{الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} قال الزجاج: المعنى فاسأل عنه، وقد حكى هذا جماعة من أهل اللغة: أن الباء تكون بمعنى عن، كما قال تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} [(١) سورة المعارج] وقال الشاعر:

هلا سألت الخيل يا ابنة مالك ... إن كنت جاهلة بما لم تعلمي

وقال علقمة بن عبدة:

فإن تسألوني بالنساء فإنني ... خبير بأدواء النساء طبيب

<<  <  ج: ص:  >  >>