قوله تعالى:{وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ} [(٨٧) سورة النمل]، أي واذكر يوماً أو ذكِّرهم يوم ينفخ في الصور، ومذهب الفراء أن المعنى: وذلكم يوم ينفخ في الصور، وأجاز فيه الحذف، والصحيح في الصور أنه قرن من نور.
مذهب الفراء، أن المعنى: وذلكم يوم ينفخ في الصور، لو كان المراد هذا لكانت يومُ ينفخ في الصور، ما صارت يومَ؛ لأن الظرف (يوم) أضيف إلى جملةٍ صدرها معرب فيعرب، لو كانت (يوم نفخ في الصور) صاغ كلامه، صحّ تقدير ذلكم يوم ينفخ في الصور؛ لأن يوم أضيف إلى جملة صدرها مبني فيبني عليها.
قال الله:{هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ} [(١١٩) سورة المائدة] وفي الحديث البناء: كيومَ ولدته أمه؛ لأنه أضيف إلى جملة صدرها مبني فبني. وهنا يوم ينفخ في الصور مضاف إلى جملةٍ صدرها معرب فيعرب، والتقدير اذكر من أجل أن يستقيم الفتح الذي في الآية، وهو يوم ينفخ فلا بد أن تقدر ما يقتضي الفتح.
والصحيح في الصور أنه قرن من نورٍ ينفخ فيه إسرافيل، قال مجاهد: كهيئة البوق، وقيل: هو البوق بلغة أهل اليمن، وقد مضى في الأنعام بيانه وما للعلماء في ذلك، {فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ} [(٨٧) سورة النمل]: قال أبو هريرة قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله لما فرغ من خلق السماوات، خلق الصور فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه، شاخص ببصره إلى العرش، ينتظر متى يؤمر بالنفخة، قلت: يا رسول الله ما الصور؟ قال: قرن والله عظيم، والذي بعثني بالحق إن عظم دارةٍ فيه ... - عظم دارةٍ فيه -يعني فمه .. دارةِ فيه، هذا يظهر. والذي بعثني بالحق: إن عظم دارةِ فيه كعرض السماء والأرض، فينفخ فيه ثلاث نفخات، النفخة الأولى: نفخة الفزع والثانية: نفخة الصعق، والثالثة: نفخة البعث والقيام لرب العالمين.