للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إخراج مؤيد بروح القدس فقلت هَذَا إخراج حنين بن إسحاق الَّذِي طردته من مجلسك وأمرته أن يبيع فلوساً وحدثته بما سمعته من جبرائيل فتحير وسألني التلطف فِي إصلاح مَا بينهما ففعلت ذَلِكَ فأفضل عَلَيْهِ يوحنا وأحسن إِلَيْهِ.

ولم يزل أمره يقوى وعلمه يتزايد وعجائبه تطهر فِي النقل والتفاسير حَتَّى صار ينبوعاً للعلوم ومعدناً للفضائل فلما انتشر ذكره بَيْنَ الأطباء اتصل خبره بالخليفة فأمر بإحضاره ولما حضر أقطع إقطاعاً سنياً وقرر لَهُ جارٍ جيد وَكَانَ الخليفة يسمع علمه ولا يأخذ بقوله دواء يصفه حَتَّى يشاور غيره وأحب امتحانه ليزيل مَا فِي نفسه عَلَيْهِ إذ ظن أن ملك الروم ربما كَانَ قَدْ عمل شيئاً من الحيلة فاستدعاه وأمر بأن يخلع عَلَيْهِ وأخرج توقيعاً لَهُ فِيهِ إقطاع يشتمل عَلَى خمسين ألف درهم فشكر حنين هَذَا الفعل ثُمَّ قل لَهُ بعد أشياء جرت أريد أن تصف لي دواء يقتل عدواً تريد قتله وَلَيْسَ يمكن إشهار هَذَا وتريده سراً فقال حنين مَا تعلمت غير الأدوية النافعة ولا علمت أن أمير المؤمنين يطلب مني غيرها فإن أحب أن أمضي وأتعلم فعلت فقال هَذَا شيء يطول ورغبه وهدده وهو لا يزيد عَلَى مَا قال إِلَى أن أمر بحبسه فِي بعض القلاع ووكل بِهِ من يرفع خبره إِلَيْهِ وقتاً بوقت فحبس سنة وَكَانَ ينقل ويفسر ويصنف وهو غير مكترث بما هو فِيهِ ولما كَانَ بعد سنة أمر الخليفة بإحضاره وإحضار أموال يرغبه فِيهَا وإحضار سيف وقطع وسائر آلات العقوبات ولما حضر قال هَذَا شيء قَدْ طال ولا بد لي مما قلته لَكَ فإن أنعمت فزت بهذا المال وَكَانَ لَكَ عندي إضعافه وإن امتنعت عاقبتك وقتلتك فقال حنين قَدْ قلت لأمير المؤمنين إنني مَا أحسن غير الشيء النافع ولا تعلمت غيره قال الخليفة فإنني أقتلك فقال حنين إِلَى رب يأخذ بحقي غداً فِي الموقف الأعظم فإن اختار أمير المؤمنين أن يظلم نفسه فتبسم الخليفة وقال لَهُ يَا حنين طب نفساً وثق بنا فهذا الفعل منا كَانَ لامتحانك لأننا حذرنا من كيد الملوك فأردنا الطمأنينة إِلَيْكَ والثقة بك لننفع بعلمك فقبل حنين الأرض وشكر لَهُ فقال الخليفة مَا الَّذِي منعك من الإجابة مع مَا رأيته من صدق الأمر منا فِي الحالين قال حنين شيئان يَا أمير المؤمنين قال وَمَا هما قال الذين والصناعة قال وكيف قال الذين يأمرنا باستعمال الخير والجميل مع أعدائنا فكيف ظنك بالأصدقاء والصناعة

<<  <   >  >>