يحيى النحوي المصري الإسكندراني تلميذ شاواري كَانَ أسقفاً فِي كنيسة الإسكندرية بمصر ويعتقد مذهب النصارى اليعقوبية ثُمَّ رجع عما يعتقده النصارى فِي التثليث لما قرأ كتب الحكمة واستحال عنده جعل الواحد ثلاثة والثلاثة واحداً ولما تحققت الأساقفة بمصر رجوعه عز عليهم ذَلِكَ فاجتمعوا إِلَيْهِ وناظروه فغلب وزيف طريقه فعز عليهم جهله واستعطفوه وآنسوه وسألوه الرجوع عما هو عَلَيْهِ وترك إظهار مَا تحققه وناظرهم فلم يرجع فأسقطوه عن المنزلة الَّتِي هو فِيهَا بعد خطوب جرت وعاش إِلَى أن فتح عمرو بن العاص مصر والإسكندرية ودخل عَلَى عمرو وَقَدْ عرق موضعه من العلم واعتقاده وَمَا جرى لَهُ مع النصارى لأكرمه عمرو ورأى لَهُ موضعاً وسمع كلامه فِي أبطال التثليث فأعجبه وسمع كلامه أيضاً فِي انقضاء الدهر لفتن بِهِ وشاهد من حججه المنطقية وسمع من ألفاظه الفلسفية الَّتِي لَمْ تكن للعرب بِهَا أنسة مَا هاله وَكَانَ عمرو عاقلاً حسن الاستماع صحيح الفكر فلازمه وَكَانَ لا يكاد يفارقه ثُمَّ قال لَهُ يحيى يوماً إنك قَدْ أحطت بحواصل الإسكندرية وختمت عَلَى كل الأصناف الموجودة بِهَا فأما مَا لَكَ بِهِ انتفاع فلا أعارضك فِيهِ وأما لا نفع لكم بِهِ فنحن أولى بِهِ فأمر بالإفراج عنه فقال لَهُ عمرو وَمَا الَّذِي تحتاج اله قل كتب الحكمة فِي الخزائن الملوكية وَقَدْ أوقعت الحوطة عَلَيْهَا ونحن محتاجون إليها ولا نفع لكم بِهَا فقال لَهُ ومن جمع هَذِهِ الكتب وَمَا قصتها فقال لَهُ يحيى أن بطلماؤس فيلادلفوس من ملوك الإسكندرية لما ملك حبب إِلَيْهِ العلم والعلماء وفحص عن كتب العلم وأمر بجميعها وأفرد لَهَا خزائن فجمعت وولى أمرها رجلاً يعرف بزميرة وتقدم إِلَيْهِ بالاجتهاد فِي جميعها وتحصيلها والمبالغة فِي أثمانها وترغيب