مبشر بن فاتك أبو الوفا هَذَا رجل أصله من دمشق وموطنه مصر وهو من الحكماء الأماثل فِي علم الأوائل صاحب فضل بارع وخاطر لجميع الفضائل جامع يدعي بالأمير قرأ عَلَيْهِ فضلاء زمانه فسادوا واستمطروا جوده فِي علوم فجدوا وأجادوا وَكَانَتْ لَهُ ابنة عمرت بعده وروت بالإسكندرية أحاديث نبوية وَكَانَ فِي آخر المائة الخامسة للهجرة.
مبشر بن أحمد بن علي بن أحمد بن عمرو الرازي الأصل البغدادي المولد والدار أبو الرشيد الحاسب الملقب بالرهان هَذَا رجل فِي زمننا الأقرب ببغداد كَانَ أوحد فِي زمانه فاضلاً كثير المعرفة بالحساب وخواص الأعداد والجبر والمقابلة وعلم الهندسة والهيئة وقسمة التركات وحوى من سائر العلوم طرفاً وَكَانَ يقرأ عَلَيْهِ ويأخذ عنه وَلَمْ يزل متصدراً لذلك وتميز فِي أيام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد وقرب منه واعتمد فِي اختيار الكتب الَّتِي وقفها بالرباط الخاتوني السلجوقي وبالمدرسة النظامية وبداره المسناة فإنه أدخله إِلَى خزائن الكتب بالدار الخليفية وأفرده لاختيارها وَكَانَ مقرباً إِلَى أوفياء الدولة محبباً عندهم محباً للعلوم وكسب المال الكثير وَلَمْ يزل عَلَى حاله فِي الإقراء والإفادة إِلَى أن سيره الخليفة الناصر لدين الله فِي رسالة إِلَى الملك العادل بن أبي بكر بن أيوب عند مَا قصد بلاد الموصل فلقيه عَلَى نصيبين أَوْ دتيسر ومات هناك فِي شهور سنة تسع وثمانين وخمسمائة وَكَانَ مولده فِي سنة ثلاثين وخمسمائة.