غراب الخطيب الصقلي هَذَا رجل من حكماء يونان من أهل جزيرة صقلية وَكَانَ عني من الفلسفة بصناعة الخطابة المنتجة للإقناع وقام بِهَا إِلَى أن مهر فِيهَا وتقدم عَلَى أهل زمانه وسار إِلَيْهِ الطلبة لاستفادة ذَلِكَ منه وَكَانَ من جملة قاصديه فتى من يونان يقال لَهُ تيسناس ورغب إِلَيْهِ فِي تعلم الخطابة وضمن لَهُ عن ذَلِكَ مالاً معيناً فأجاب برغبته وعلمه فلما لقتها حاول الغدر بِهِ ورام فسخ مَا وافقه عَلَيْهِ فقال لَهُ يَا معلم حد لي الخطابة فحد بأنها مفيدة الإقناع فتمسك بالحد وبنى عَلَيْهِ قياساً وقال إنني أناظرك الآن فِي الأجرة فإن أقنعتك بأني لا أدفعها إِلَيْكَ لَمْ أدفعها إذ قَدْ أقنعتك بذلك وأن لَمْ أقدر عَلَى إقناعك فلست أعطيك شيئاً لأني لَمْ أتعلم منك الخطابة الَّتِي هي مفيدة الإقناع فأجابه المعلم وقال أنا أيضاً أناظرك فإن أقنعتك بأنه يجب لي حقي منك أخذته أخذ من أقنع وإن لَمْ أقنعك فيجب أيضاً أخذه منك إذ قَدْ أنشأت تلميذاً يستظهر عَلَى معلمه فقال من حضر بيض ردي لغراب ردي أي تلميذ نكد ومعلم نكد.