للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يطلق لكل واحد منهم مَا يصلح أن يتصرف فِيهِ من الصناعة وبلغ عددهم فِي الجانبين من بغداد ثمانمائة ونيفاً وستين رجلاً سوى من استغنى عن امتحانه باشتهاره بالتقدم فِي الصناعة وسوى من كَانَ فِي خدمة السلطان ومن ظريف مَا جرى فِي امتحان الأطباء أنه أحضر إِلَى سنان رجل مليح البزة والهيئة ذو هيبة ووقار فأكرمه سنان عَلَى موجب منظره ورفعه وصار إِذَا جرى أمر التفت إِلَيْهِ وَلَمْ يزل كذلك حَتَّى انقضى شغله فِي ذَلِكَ اليوم ثُمَّ التفت إِلَيْهِ سنان فقال قَدْ اشتهيت أن أسمع من الشيخ شيئاً أحفظ عنه وأن يذكر شيخه فِي الصناعة فأخرج الشيخ من كمه قرطاساً فِيهِ دنانير صالحة ووضعها بَيْنَ يدي سنان وقال مَا أحسن أن أكتب ولا أقرأ ولا قرأت شيئاً جملة ولي عيال ومعاشي دار دائرة وأسألك أن لا تقطعه عني فضحك سنان وقال عَلَى شريطة أنك لا تهجم علي مريض لما لَمْ تعلم ولا تشير بفصد ولا بدواء مسهل إِلاَّ لما قرب من الأمراض قالا الشيخ هَذَا مذهبي مذ كنت وأحضر إِلَيْهِ غلام شاب حسن البزة مليح الوجه ذكيّ فنظر إِلَيْهِ سنان وقال لَهُ علي من قرأت قال علي أبي قال ومن أبوك قال الشيخ الَّذِي كَانَ عندك بالأمس قال نعم الشيخ وأنت مذهبه قال نعم قال لا تتجاوزه وانصرف مصاحباً.

ومن أخباره أنه لما مات الراضي استدعي بجكم سناناً وَكَانَ بواسط العراق وسأله الانحدار إِلَيْهِ وَلَمْ يتمكن من الطلوع فِي ذَلِكَ قبل موت الراضي لملازمة سنان بخدمته فانحدر إِلَيْهِ وأكرمه ووصله وقال لَهُ أريد أن أعتمد عَلَيْكَ فِي تدبيري وتفقد جسمي والنظر إِلَى مصالحه وَفِي أمر أخلاقي لثقتي بعقلك وفضلك ودينك ومروءتك فقد غلبني الغضب وغمني ذَلِكَ حَتَّى أنني أخرج إِلَى مَا أندم عَلَيْهِ عند سكوته من ضرب أَوْ قتل وأسألك أن تتفقد عيوبي وتصدقني فِيهَا وترشدني إِلَى علاجها لتزول عني فقال سنان إنما بحيث يأمر الأمير ولكن أنك أَيُّها الأمير قَدْ أصبحت وَلَيْسَ فَوْقَ يدك يد لأحد من المخلوقين وإنك مالك لكل مَا تريده قادر عَلَيْهِ أي وقت أردته ولا يمكن لأحد منعك والغضب والغيظ يحدثان سكراً أشد من سكر النبيذ وكما أن الإنسان يفعل فِي سكره مَا لا يقوله ولا يذكره إِذَا صحا ويندم عَلَيْهِ إِذَا حدث بِهِ استحياء كذلك يحدث لَهُ ي سكر الغضب والغيظ بل اشد فإذا بدأ بك

<<  <   >  >>