للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أم أقول الحق الَّذِي هو الإقرار بذلك فقال لَهُ بل الحق قال سقراط فرأيت إن قال لي أفي العدل يظلمك ظالم فتظلم آخر أفكان يجوز أن أقول نعم فقال اقريطون لا يجوز أن تقول نعم قال لَهُ فإن قال لي يَا سقراط فإن ظلمك القضاة الحد عشر فألزموك مَا لا تستحق يجب أن تظلمني فتلزمني مَا لا استحق فهل يجوز لي أن أقول نعم قال لَهُ قريطون لا يجوز ذَلِكَ قال لَهُ سقراط فإن قال أفخروجك من الصبر عَلَى مَا حكم بِهِ الحاكم خروج عن الناموس ونقص لَهُ أن لا أيجوز أن أقول لَيْسَ بنقص وخروج عن الناموس فقال لَهُ اقريطون لا يجوز ذَلِكَ فقال لَهُ سقراط فإذاً لا يجب إن ظلمني هؤلاء القضاة أن اظلم الناموس ودار بينهما فِي ذَلِكَ كلام كثير فقال لَهُ قريطون إن كنت تريد أن تأمر بشيء فتقدم فِيهِ فإن الأمر قَدْ أزف فقال يشبه أن يكون كذلك لأني قَدْ رأيت فِي منامي قبل أن تدخل عليّ

مَا يدل على ذَلِكَ. ايدل على ذَلِكَ.

فلما كَانَ ذَلِكَ اليوم الَّذِي عزموا فِيهِ عَلَى قتله بكرنا كالعادة فلما جاء قيم السجن فرآنا فتح الباب وجاء القضاة الأحد عشر فدخلوا ونحن مقيمون عَلَى الباب فلبثوا ملياً فخرجوا من عنده وَقَدْ قطعوا حديده ثُمَّ داءنا السجان فقالوا ادخلوا فدخلنا وهو عَلَى سرير كَانَ يكون عَلَيْهِ فسلمنا وقعدنا فلما استقر بِنَا المجلس نزل عن السرير ونزل معنا أسفل منه وكشف عن ساقيه فمسحهما وحكهما ثُمَّ قال مَا أعجب فعل السياسة الإلهية كَيْفَ قرنت الأضداد بعضها ببعض فإنه لا يكون لذة إِلاَّ وتبعها ألم ولا ألم إِلاَّ وتبعته لذة فإنه قَدْ عرض لَنَا بعد الألم الَّذِي كنا نجده من ثقل الحديد فِي موضعه لذة وَكَانَ هَذَا القول منه سبباً للقول فِي الأفعال النفسانية ثُمَّ اطرد القول بينهم فِي النفس حَتَّى أتي عَلَى جميع مَا سئل عنه من أمرها بالقول المتقن المستقصى ووافي ذلك منه عَلَى مثل الحال الَّتِي كَانَ يعهد عَلَيْهَا فِي حال سروره من البهج والمزح فِي بعض المواضع وكلتا تتعجب منه أشد التعجب من صرامة نفسه وشدة استهانته بالنازلة الَّتِي قَدْ نهكتنا لَهُ ولفراقه وبلغت منا وشغلتا كل الشغل وَلَمْ يشغله عن تقصي الحق فِي موضعه وَلَمْ يزل شيء من أخلاقه وأحوال نفسه الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي زمن أمنه الموت وقال لَهُ سيماس فِي بعض مَا يقول لَهُ وأمسك بعض الإمساك عن السؤال أن التقصي فِي السؤال عَلَيْكَ مع هَذِهِ الحال لثقل علينا شديد وسماجة

<<  <   >  >>