فلما رأى الهدي يسيل عليه من عُرض الوادي في قلائده، وقد أكل أوبارَه١ من طول الحبس عن محله، رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إعظاماً لما رأى، فقال لهم ذلك. قال: فقالوا له: اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك.
قال الزهري في حديثه: ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفي فقال: يا معشر قريش إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذ جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ، وقد عرفتم أنكم والد وإني ولد - وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس - وقد سمعت بالذي نابكم فجمعت من أطاعني من قومي ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسي.
قالوا: صدقت ما أنت عندنا بمتهم.
فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس بين يديه، ثم قال: يا محمد أجمعت أوشاب الناس، ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم، إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبداً، وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غداً، قال: وأبو بكر الصديق خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد؛ فقال: امصُص بظر اللات أنحن ننكشف عنه؟
قال: من هذا يا محمد؟
قال: هذا ابن أبي قحافة، قال: أما والله لولا يد كانت لك عندي