قال: ثم جعل يتناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكلمه، قال: والمغيرة ابن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد، قال: فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن لا تصل إليك.
قال: فيقول عروة: ويحك ما أفظك وأغلظك!
قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عروة: من هذا يا محمد؟
قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة، قال: أيْ غُدر، وهل غسلت سوءتك إلا بالأمس؟
قال الزهري: فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو مما كلم به أصحابه، وأخبره أنه لم يأت يريد حرباً، فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه؛ لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه، ولا يبصق١ بصاقاً إلا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه، فرجع إلى قريش، فقال: يا معشر قريش إني قد جئت كسرى في ملكه، وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه، وإني والله ما رأيت ملكاً في قوم قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً، فَرُوا رأيَكم.
قال الزهري: ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو أخا بني عامر بن لؤي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا له: ائت محمداً فصالحه، ولا يكن في
١ البصاق: كغراب: ماء الفم إذا خرج منه. القاموس (بصق) .