للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (صدقت) ، فجعل ينتره١ بتلبيبه ويجره ليرده إلى قريش، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته، يا معشرالمسلمين: أَأُرَدُّ إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ فزاد ذلك الناس إلى ما بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً، وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله، وإنا لا نغدر بهم".

قال: فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول: اصبر يا أبا جندل فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب، قال: ويدني قائم السيف منه، قال: ويقول عمر: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، فضنّ٢ الرجل بأبيه، ونفذت القضية، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب أشهد على الصلح رجالاً من المسلمين ورجالاً من المشركين: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن سهيل بن عمرو٣، وسعد بن أبي وقاص، ومحمود بن


١ فجعل ينتره: النتر: جذب فيه قوة وجفوة. النهاية ٥/ ١٢.
٢ فضن الرجل بأبيه: الضنائن: الخصائص، واحدهم ضنينة فعيلة بمعنى مفعولة، من الضِّن وهو ما تختصه وتضن به، أي تبخل لمكانه منك وموقعه عندك. النهاية ٣/ ١٠٤.
٣ هو: عبد الله بن سهيل بن عمرو، أبو سهيل، أمه فاطمة بنت عامر بن نوفل بن عبد مناف، هاجر إلى الحبشة، ثم أخذه أبوه بعد أن رجع من الحبشة عن دينه، فأظهر الرجوع، وخرج معهم إلى بدر ففر إلى المسلمين وكان أحد الشهود بعد ذلك في صلح الحديبية، وكان أسن من أخيه أبي جندل، استشهد باليمامة وله ثمان وثمانون سنة. الإصابة ٢/ ٣٢٢- ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>