للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل يحب هذا الفخر، فاجعل له شيئاً، قال: "نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن".

فلما ذهب لينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عباس احبسه بمضيق١ الوادي عند خطم٢ الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها"، قال: فخرجت به حتى حبسته حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحبسه، قال: ومرت به القبائل على راياتها كلما مرت قبيلة قال: من هؤلاء؟ فأقول: سُليم، فيقول: مالي ولسُليم، قال: ثم تمر القبيلة، قال: من هؤلاء؟ فأقول: مزينة، فيقول: مالي ولمزينة، حتى تعدت القبائل لا تمر قبيلة إلا قال: من هؤلاء؟ فأقول: بنو فلان، فيقول: مالي ولبني فلان، حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخضراء كتيبة فيها المهاجرون والأنصار لا يُرى منهم إلا الحدق٣، قال: سبحان الله من هؤلاء يا عباس؟ قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، قال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن


١ المضيق: ما ضاق من الأماكن والأمور، وهو ضد الاتساع، القاموس (ضفق) .
٢ خطم: أصل الخطم في السباع: مقاديم أنوفها وأفواهها، فاستعارها للناس. النهاية (٢/ ٥٠) .
فيكون المعنى: مقدمة الجبل أو طرفه.
والمراد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر العباس أن يقعد أبا سفيان في طرف ذلك المضيق حتى يرى جيش الفتح وهو يمر من ذلك المضيق حيث لا طريق إلا منه فيكثر في عينه فيعلم أنه لا طاقة لأهل مكة بهذا الجيش.
٣ تقدم معناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>