قال البغوى رحمه الله: وقال لهم يعقوب لما أردوا الخروج من عنده، "يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة"، وذلك أنه خاف عليهم العين، لأنهم كانوا أعطوا جمالا وقوة وامتداد قامة، وكانوا ولد رجل واحد، فأمرهم أن يتفرقوا في دخولهم لئلا يصابوا بالعين، فإن العين حق، وجاء في الأثر: إن العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر. وعن إبراهيم النخعى: أنه قال ذلك لأنه كان يرجو أن يروا يوسف في التفرق. والأول أصح. اهـ من تفسيره عند الآيات
وقال القرطبى رحمه الله: لما عزموا على الخروج خشي عليهم العين؛ فأمرهم ألا يدخلوا مصر من باب واحد، وكانت مصر لها أربعة أبواب؛ وإنما خاف عليهم العين لكونهم أحد عشر رجلا لرجل واحد؛ وكانوا أهل جمال وكمال وبسطة؛ قاله ابن عباس والضحاك وقتادة وغيرهم.
إذا كان هذا معنى الآية فيكون فيها دليل على التحرز من العين، والعين حق؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر). وفي تعوذه عليه السلام:(أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) ما يدل على ذلك ..
قال الأصمعي: رأيت رجلا عيونا سمع بقرة تحلب فأعجبه شخبها فقال: أيتهن هذه؟ فقالوا: الفلانية لبقرة أخرى يورون عنها، فهلكتا جميعا، المروى بها والمورى عنها. قال الأصمعى. وسمعته يقول: إذا رأيت الشيء يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني. . اهـ (١)
وقال الحافظ بن كثير رحمه الله: يقول تعالى إخباراً عن يعقوب عليه السلام, إنه أمر بنيه لما جهزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر أن لا يدخلوا كلهم من باب واحد,
(١) التفسير الجامع لأحكام القرءان (٤/ ٣٤٥٥) ط الشعب تجليد خاص.