للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون شركاً. ولا يخفى أنه لا يمكن لصاحب سنة أن يقول ببدعية شئ يصنعه المعالجون لأنهم يقولون هذا مجرب نافع والأصل التجربة فإما أن تسدوا الباب وتقولوا بالتوقف أو لا يكون هناك بدعة أبدا وإن كان ثمة شئ محرم فهم محرم لا بدعة. فلو لم يكن المنع إلا من باب سد الذرائع لكان كافيا معتبرا مندرجا تحت أصل من أصول الشريعة.

* والوجه الرابع أنه صح النهى عن الرقى وأن منها ما يكون شركا والعياذ بالله كما فى حديث عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: إن الرقي والتمائم والتولة شرك. (١) ثم أباح النبى صلى الله عليه وسلم الرقى فإما أن يكون هذا من نسخ النهى بالإباحة أو يكون من باب تخصيص ما خلا من الشرك وقد يقال: إذا اشتبه الحظر بالإباحة غلّب جانب الحظر صيانةً للدين. فيمنع من الرقى التى لا يعلم عن الشرع إقرارها فيكون معنى حديث " لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" أنه لا يدل على مطلق الإباحة والمقصود مما شرع في السنةأو مما أقره النبى صلى الله عليه وسلم كما فى حديث علميها رقية النملة. ففيه دلالة ضمنية على أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعرف ما فى هذه الرقية وسائر أحاديث الإباحة العامة هى من العام الذي أريد به الخصوص، ولم يرد العموم بل لم يستوعب جميع الرقى، بدلالة أنه استثنى منها ما فيه شرك، ولم يستثن ما فيه محرم.

وأما الجواب عن أدلة من قال بالإجتهاد والتجربة فما ذكر من النصوص أخص من هذه الدعوى العريضة: فقوله من استطاع أن ينفع أخاه. ورد عقب إقراره لرقية العقرب فمن استطاع أن ينفع أخاه بها فليفعل .. وكذا فى رقية الحية ورقية النملة بل إن معنى قوله رخص لبنى فلان فى رقية الحية أنه لا قيمة للرقية بغير إقراره لهم عليها كما هو ظاهر وليس فيه التعميم المتبادر.

* والوجه الخامس أن فى ذلك أموراً لا يُدرى ما هى؟ فلا هى من جنس ما ورد به النص ولا هى من الأدوية الطبيعية فالمنع مما لا يعرف فى باب الرقى محل إجماع.


(١) حسن: أخرجه أحمد (٣٦٠٤) وأبوداود (٣٨٨٣) وابن ماجه (٣٥٣٠).

<<  <   >  >>