فهذا الحديث بظاهره يدل على جواز رفع الصوت في المسجد لغرض دنيوي لأنه عليه الصلاة والسلام ما أنكر على المتخاصمين رفع أصواتهما لكن قد روى البخاري قبله عن عمر ما يخالفه: عن السائب بن يزيد قال: (كنت قائما في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال: اذهب فأتني بهذين فجئته بهما قال: من أنتما أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله؟)
وترجم لهما البخاري ب:
(باب رفع الصوت في المساجد). قال الحافظ:
(أشار بالترجمة إلى الخلاف في ذلك فقد كرهه مالك مطلقا سواء كان في العلم أم في غيره وفرق غيره بين ما يتعلق بغرض ديني أو نفع دنيوي وبين ما لا فائدة فيه وساق البخاري في الباب حديث عمر الدال على المنع وحديث كعب الدال على عدمه إشارة منه إلى أن المنع فيما لا منفعة فيه وعدمه فيما تلجيء الضرورة إليه. وقد تقدم البحث فيه في باب التقاضي ووردت أحاديث في النهي عن رفع الصوت في المساجد لكنها ضعيفة أخرج ابن ماجه بعضها فكأن المصنف أشار إليها)
وقال في الباب الذي أشار إليه:
(وفي الحديث جواز رفع الصوت في المسجد وهو كذلك ما لم يتفاحش وقد أفرد له المصنف بابا يأتي قريبا والمنقول عن مالك منعه في المسجد