للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكنّ النقول والنصوص السابقة تثبت أن الإمام محمد بن عبد الوهاب وسائر علماء الدعوة السلفية بريئون مما رماهم به خصومهم أهل البدع من أنهم مجسمة ومشبهة، والحق أنهم كانوا على سبيل المؤمنين، وهو منهج السلف الصالح أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته، كما هو كذلك في كل أصول الدين.

إن المنهج والأسلوب الذي سلكه المخالفون أهل الأهواء والبدع من خصوم السنة المعاصرين في اتهام الإمام محمد بن عبد الوهاب وغيره من علماء الدعوة السلفية وأتباعهم، هو نفسه المنهج والأسلوب الذي سلكه خصوم السلف الصالح أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع والافتراق في كل زمان.

ومنذ أن نشأت بدع الجهمية والمعتزلة وسائر أهل الكلام المعطلة والمؤولة، ومقالاتهم البدعية التي ينفون بها أسماء الله وصفاته ويؤولونها أو بعضها نشأت معها دعوى أن إثبات الأسماء والصفات لله تعالى أو بعضها نوع من التجسيم والتشبيه. ومن أجل ذلك سموا من يثبت أسماء الله وصفاته كما جاءت في القرآن وصحيح السنة، مجسمًا ومشبهًا ونحو ذلك.

ومن هنا فإن وصف أهل السنة والجماعة، السلف الصالح بأنهم مجسمة ومشبهة ظهر في أوائل القرن الثاني الهجري على لسان طلائع تلك الفرق الكلامية.

وقد أعلن الإمام محمد بن عبد الوهاب ما يرد هذه الفرية، بقوله السابق ذكره ومنه: «ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله – سبحانه وتعالى - ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيف، ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه؛ لأنه تعالى لا سمي له، ولا كفء له ولا ند له ولا يقاس بخلقه» (١) .

وساق الإمام مذهب السلف الصالح، أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته؛ على أنه اعتقاده، فكيف يرمونه ويرمون سائر سلف الأمة بالتجسيم؟! نعم لأن أهل البدع والأهواء يزعمون أن الإثبات الحق تجسيمٌ والمثبت عندهم مجسماً، والله حسبنا ونعم الوكيل.


(١) الدرر السنية (١ - ٣٠) .

<<  <   >  >>