للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذن فقد ثبت أنهم لم يبدءوا القتال ولم يقاتلوا ابتداء إنما بدأ القتالَ خصومُهم.

ثم إنه من الطبيعي أن اختيار منهج القوة والحزم والقتال عند الضرورة هو الحل الأمثل في كثير من الأحوال ومنها الحال التي وصلت إليها الدعوة مع خصومها.

ونظرًا لقوة الباطل والهوى وتمكنه من قلوب كثير من الناس وحياتهم لم تقبل نفوسهم الحق ولم تذعن لأهله.

كما أن الناظر لحال كثيرين من الذين أقاموا الدنيا ولم يُقعدوها تشنيعًا على الدعوة وأتباعها في شبهة التكفير يجد العجب من تحيُّزهم ضد السنة وأهلها في هذه المسألة (وغيرها) وإغفالهم لأهل البدع الخُلَّص الذين يكفِّرون خيار الأمة؛ فيكفِّرون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين، ويكفِّرون السلف الصالح.

بل إن أكثر مزاعم التكفير والتشدد التي ألصقت بالدعوة وإمامها حدثت من أولئك الذين يكفّرون خيار الأمة ويستنقصونهم، ومن أشياعهم الذين يشاركونهم في بدع المقابرية والقباب والمشاهد والمزارات البدعية، والطرق الصوفية والموالد والأذكار المحدثة، ومن المعلوم لدى كل باحث ومحقق: أن أصل هذه البدع ومنشأها كان من مكفِّرة الصحابة والسلف الصالح، فأين العدل والإنصاف والتحقيق الذي يدَّعونه؟ ، وأين الغيرة على الحق والدين وعلى الأولياء والصالحين التي يزعمونها؟ وهم يهينون الصالحين ببدعهم. وأين النُّصح للمسلمين الذي يتظاهرون به؟! وهم يروجون البدع وينصرونها.

[مسألة التشدد وحقيقتها]

وكذلك مسألة التشدد:

فالتشدد الذي يدعي بعضهم أنه من سمات الدعوة وأهلها ليس تشددًا مذمومًا حسب المعايير الشرعية والعلمية. بل هو إن وقع أحيانًا فهو نوع من الحزم والصلابة في الحق وهو ما تقتضيه البيئة والظروف، والحاجة والمصلحة في عهدهم، فهو المناسب للبيئة البدوية والقروية التي يعيشها المجتمع النجدي، وما عليه العرب في سجيتهم التي تتسم بالصراحة والصرامة والإباء، فالحزم هنا هو الحل المناسب والأمثل أمام تمرد الأعراب والجهال والسفهاء، وتجاه قوة الشر، والخصوم، وأمام قوة الباطل وأهله وتمكنهم، والإسلام كما أنه دين الحق والرحمة واليسر فهو كذلك لا يلغي مبدأ الحزم والصرامة في تثبيت الحق ورد

<<  <   >  >>