للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباطل، فالوضع المتردي من كل الجوانب اقتضى هذا المنهج الحازم أحيانًا لا سيما في جزيرة العرب التي هي درع الإسلام ولما تتميز به من خصائص دينية وبيئية وقبلية.

وكذلك دعوى إلزام الناس بمذهبهم دعوى زائفة، فلم يعرف عن الإمام وأتباعه ولا عن أحد من حكام هذه الدعوة المباركة أنه قال للناس كونوا حنابلة أو شافعية أو غير ذلك؛ لكنهم عملوا ما هو مشروع من تحكيم شرع الله وإظهار شعائر الدين، وإقامة العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحدود.

والجدير بالذكر أن كثيرين من أهل الأهواء والبدع والجهلة بأحكام الشرع يصفون أحكام الشرع من التكفير والتفسيق وتطبيق الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة شعائر الدين وفرائضه - تشددًا وقسوة وعنفاً، والأمر ليس كذلك.

وأما ما يوجد من تجاوزات واجتهادات خاطئة في التعجل في الحكم على الناس بالكفر فليست من المنهج كما أسلفت ثم كثيرًا مما قيل عن الدعوة وأتباعها ومما اتهموه به من التكفير إنما هو من اللوازم، ليس قولهم الصريح، - ولازم المذهب ليس بلازم - كما هو مقرر في القاعدة الأصولية كما لا ننسى أن كثيرًا من الناقدين والخصوم يعدون الأصول المشروعة التي عملها الإمام وأتباعه كالحزم والقوة عند مقتضاها وكإقامة الحدود وإلزام الناس بالفرائض ونشر العلم الشرعي الضروري إلزامًا غير مشروع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الحسبة) : من التشدد والتكفير، وهي في الحقيقة متطلبات الدين ومسلماته التي لا يمكن أن يحيد عنها المسلم التقي المتمسك بدينه، فإن الأعمال التي نفر منها أهل الأهواء، والجاهلون والمعرضون عن الدين والتي نفذها إمام الدعوة بموجب الشرع «مثل رجم الزانية وهدم القباب والأبنية على القبور» ونحو ذلك من الأعمال المشروعة أثارت في نفوس أهل الفسق والفجور وأهل البدع الرعب، والخوف على شهواتهم ومصالحهم، فأجلبوا على الدعوة وإمامها وحكامها بخيلهم ورجلهم وزعموا أن هذه الأعمال الشرعية من التشدد والعنف.

وليس الأمر كذلك بل هو مما أوجبه الشرع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة حدود الله لمصالح العباد.

كما أنه من المقرر شرعًا أن قتال المخالفين أسلوب من أساليب الجهاد يلجأ إليه بشروطه عند استنفاذ الوسائل الأخرى.

<<  <   >  >>