للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من العادات التي نشؤوا عليها، وأخذها الصغير عن الكبير؛ مثل: عبادة غير الله، وتوابع ذلك، من تعظيم المشاهد، وبناء القباب على القبور، وعبادتها، واتخاذها مساجد، وغير ذلك، مما بينه الله ورسوله غاية البيان، وأقام الحجة، وقطع المعذرة؛ ولكن الأمر كما قال صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريبًا كما بدأ» (١) (٢) .

فلما عظم [على] العوام: قطع عادتهم؛ وساعدهم على إنكار دين الله: بعض من يدعي العلم، وهو من أبعد الناس عنه - إذ العالم من يخشى الله - فأرضى الناس بسخط الله؛ وفتح للعوام باب الشرك بالله، وزين لهم، وصدهم عن إخلاص الدين لله؛ وأوهمهم: أنه من تنقيص الأنبياء والصالحين؛ وهذا بعينه هو الذي جرى على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر أن عيسى - عليه السلام -: عبد، مربوب، ليس له من الأمر شيء؛ قالت النصارى: إنه سب المسيح وأمه؛ وهكذا قالت الرافضة: لمن عرف حقوق أصحاب رسول الله وأحبهم، ولم يَغْلُ فيهم، رموْه: ببغض أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهكذا هؤلاء، لما ذكرت لهم، ما ذكره الله ورسوله، وما ذكره أهل العلم، من جميع الطوائف، من الأمر بإخلاص الدين لله، والنهي عن مشابهة أهل الكتاب من قبلنا، في اتخاذ الأحبار، والرهبان، أربابًا من دون الله؛ قالوا لنا: تنقصتم الأنبياء، والصالحين، والأولياء؛ والله تعالى ناصر لدينه، ولو كره المشركون.

[وقال مبينًا أن مستنده كلام العلماء من كل الطوائف] : وها أنا أذكر مستندي في ذلك، من كلام أهل العلم، من جميع الطوائف، فرحم الله من تدبرها بعين البصيرة، ثم نصر الله، ورسوله، وكتابه، ودينه، ولم تأخذه في ذلك لومة لائم.

[كلام الحنابلة] : فأما كلام الحنابلة، فقال الشيخ: تقي الدين، - رحمه الله - لما ذكر حديث الخوارج: فإذا كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه ممن قد انتسب إلى الإسلام، من مرق منه، مع


(١) رواه مسلم برقم (٢٣٢) ، والترمذي (٢٦٢٩) ، وابن ماجه (٣٩٨٦، ٣٩٧٨، ٣٩٨٨) .
(٢) الدرر السنية (٢) .

<<  <   >  >>